للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرَّيْنِ. وإن لم يَتَعَمَّدَا المُصادَمَةَ، أو كان ذلك ممَّا لا يَقْتُلُ غالبًا، وجَبتْ دِيَةُ الأحْرارِ على عاقِلَةِ القَيِّمَيْنِ، وقيمةُ العَبِيدِ في أموالِهما. وإن كان القَيِّمانِ عَبْدَيْنِ، تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهما، فإن تَلِفَا جميعًا، سَقَطَ الضَّمَانُ، وأمَّا مع عَدَمِ التَّفْرِيطِ، فلا ضَمانَ على أَحَدٍ (٦). وإن كانَ في السَّفِينَتَيْنِ وَدَائِع ومُضَارَبَاتٌ (٧)، لم تُضْمَنْ؛ لأنَّ الأمينَ لا يَضْمَنُ، ما لم يُوْجَدْ منه تَفْريطٌ أو عُدْوانٌ. وإن كانتِ السَّفينتانِ بأُجْرَةٍ، فهما أمانَةٌ أيضًا، لا ضَمَانَ فيهما. وإن كان فيهما مالٌ يَحْمِلانِه بِأُجْرَةٍ إلى بلدٍ آخرَ، فلا ضَمانَ؛ لأنَّ الهَلاكَ بأمرٍ غيرِ مُسْتَطاعٍ.

فصل: وإذا (٨) كانتْ إحْدَى السَّفِينَتَيْنِ قَائِمَةً والأُخْرَى سَائِرَةً، فلا ضَمانَ على الواقِفَةِ، وعلى السَّائِرَةِ ضَمَانُ الواقِفَةِ، إن كان مُفَرِّطًا، ولا ضَمانَ عليه إن لم يُفَرِّطْ، على ما قَدَّمْنَا.

فصل: وإن خِيفَ على السَّفِينَةِ الغَرَقُ، فَأَلْقَى بعضُ الرُّكْبانِ مَتاعَه لِتَخِفَّ وتَسْلَمَ من الغَرَقِ، لم يَضْمَنْه أحَدٌ؛ لأنَّه أَتْلَفَ مَتاعَ نفسِه باخْتيارِه؛ لصلاحِه وصَلاحِ غيرِه، وإن أَلْقَى مَتَاعَ غيرِه بغيرِ أمْرِه، ضَمِنَه وَحْدَه. وإن قال لغيرِه: أَلْقِ مَتاعَكَ. فقَبِلَ منه، لم يَضْمَنْه له؛ لأنَّه لم يَلْتَزِمْ ضَمانَه. وإن قالَ: أَلْقِه، وأنا ضَامِنٌ له. أو: وعَلَىَّ قيمتُه. لَزِمَه ضَمانُه له؛ لأنَّه أَتْلَفَ مالَه بعِوَضٍ لمصْلَحَةٍ، فوجَبَ له العِوَضُ على مَن الْتَزمَه، كما لو قال: أَعْتِقْ عبدَك وعَلَىَّ ثمنُه. وإن قالَ: أَلْقِه، وعلىَّ وعلى رُكْبَانِ السَّفِينَةِ ضَمانُه. فألْقاه، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَلْزمُه ضَمانُه وحدَه. وهذا نَصُّ الشَّافِعِىِّ. وهو الذي ذَكَرَه أبو بكرٍ؛ لأنَّه الْتَزمَ ضَمانَ (٩) جَمِيعِه، فَلَزِمَه ما الْتَزَمَه. وقال القاضي: إن كان ضَمَانَ اشْتراكٍ، مثلَ أن يقولَ: نحن نَضْمَنُ لك. أو قال: على كُلِّ واحِدٍ مِنَّا ضَمَانُ


(٦) في ب: "واحد".
(٧) سقطت الواو من: الأصل.
(٨) في م: "وإن".
(٩) في ب، م: "ضمانه".

<<  <  ج: ص:  >  >>