للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبَّابَتِها (٨)، أو الوُسْطَى؛ لأنَّ نَفْعَ اليَدِ يَذْهَبُ بذَهابِ هؤلاء، ولا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ الخِنْصَرِ والبِنْصَرِ من يَدٍ واحدَةٍ؛ لأنَّ نَفْعَ اليَدِ منهما (٩) يَزُولُ أكثرُهَ بذلك. وإِنْ قُطِعَتْ كُلُّ واحِدَةٍ (١٠) منْ يَدٍ جازَ؛ لأنَّ نَفْعَ الكَفَّيْنِ باقٍ، وقَطْعُ أُنْمُلةِ الإِبْهامِ كقَطْع جَمِيعِها؛ فإنَّ نَفْعَها يَذْهَبُ بذلك؛ لكَوْنِها أُنْمُلَتَيْنِ، وإِنْ كان مِن غيرِ الإبهامِ لم يَمْنَعْ؛ لأنَّ مَنْفَعَتَها لا تَذْهَبُ؛ فإنَّها تَصِيرُ كالأصابعِ القِصارِ، حتى لو كانت أصابِعُه كلُّها غَيْرُ الإِبْهامِ قد قُطِعَتْ مِنْ كُلِّ واحِدَةٍ منها أُنْمُلَةٌ، لم يَمْنَعْ. وإِنْ قُطِعَ من الإصْبَعِ أُنْمُلَتانِ، فهو كقَطْعِها؛ لأنَّه يَذْهَبُ بِمَنْفَعَتِها. وهذا جميعُه مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وقال أبو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُ مقطوعُ إحدَى اليَدَيْنِ أو إحدَى الرِّجْلَيْنِ، ولو قُطِعَتْ يَدُه ورِجْلُه جميعًا مِنْ خِلافٍ أجْزَأتْ؛ لأنَّ مَنْفَعَةَ الجِنْسِ باقِيَةٌ، فَأَجْزَأَتْ فى الكفَّارَةِ، كالأَعْوَرِ، فأمَّا إنْ قُطِعَتا مِنْ وفاقٍ، أىْ من جانبٍ واحدٍ، لم يُجْزِئْ؛ لانَّ مَنْفَعَةَ الشىءِ تَذْهَبُ. ولَنا، أَنَّ هذا يُؤَثِّرُ فى العَمَلِ، ويَضُرُّ ضررًا بَيِّنًا، فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ إجْزاءَها، كما لو قُطِعَتا مِن وِفاقٍ. ويُخالِفُ العَوَرَ؛ فإنَّه لا يَضُرُّ ضَررًا بَيِّنًا. والاعْتبارُ بالضَّرَرِ أوْلَى مِن الاعْتِبارِ بِمَنْفَعةِ الجِنْس؛ فإنَّه لو ذَهَبَ شَمُّه، أو قُطِعَتْ أُذُناه معًا، أجْزَأ مَعَ ذَهابِ مَنْفَعَةِ الجِنْسِ، ولا يُجْزِئُ الأعْرَجُ إذا كان عَرَجًا كثيرًا فاحشًا؛ لأنَّه يَضُرُّ بالعملِ، فهو كقَطْعِ الرِّجْلِ. وإِنْ كان عَرَجًا يَسِيرًا (١١)، لم (١٢) يَمْنَعِ الإِجْزَاءَ (١٣)؛ لأنَّه قَلِيلُ الضَّرَرِ.

فصل: ويُجْزِئُ الأَعْوَرُ فى قَوْلِهِم جميعًا. وقال أبو بكرٍ: فيه قولٌ آخَرُ، لا يُجْزِئُ؛ لأنَّه نَقْصٌ يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ والإِجْزاءَ فى الهَدْىِ، فأشْبَهَ العَمَى. والصَّحِيحُ


(٨) فى الأصل: "شيئا منها".
(٩) فى م: "اليدين".
(١٠) سقط من: الأصل، م.
(١١) فى م: "كثيرا".
(١٢) فى أ، م: "لا".
(١٣) فى م: "الأخرى".

<<  <  ج: ص:  >  >>