للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوُصُولَ بِنَفْسِه، وأمْكَنَه تَنْفِيذُه، لَزِمَهُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: إذا حُصِرَ عن الخُرُوجِ خُرِّجَ فى ذَبْحِ هذا الهَدْىِ المَنْذُورِ فى مَوْضِعِ حَصْرِه رِوَايَتانِ، كدِمَاءِ الحَجِّ. واخْتَارَ أنَّ الصَّحِيحَ جَوازُ ذَبْحِه فى مَوْضِعِ حَصْرِه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحَرَ هَدْيَه بِالحُدَيْبِيَةِ. والثانية، إن أَمْكَنَ إرْسَالُه مع غيرِه، فلا يجوزُ له ذَبْحُه فى مَوْضِعِه؛ لأنَّه أمْكَنَه إيصالُ المَنْذُورِ إلى مَحِلِّه، فلَزِمَه، كغيرِ المَحْصُورِ.

٦٩٧ - مسألة؛ قال: (وَأَمَّا الصِّيَامُ فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ)

لا نَعْلَمُ فى هذا خِلَافًا. كذلك قال ابنُ عَبَّاسٍ، وعَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، وغيرُهم؛ وذلك لأنَّ الصِّيَامَ لا يَتَحَدَّى نَفْعُه إلى أحَدٍ، فلا مَعْنَى لِتَخْصِيصِه بِمَكانٍ، بِخِلافِ الهَدْىِ والإِطْعَامِ، فإنَّ نَفْعَه يَتَعَدَّى إلى مَن يُعْطاه.

فصل: ويُسَنُّ تَقْلِيدُ الهَدْىِ، وهو أن يَجْعَلَ فى أعْناقِها النِّعال، وآذانَ الْقِرَبِ، وعُرَاهَا، أو عِلاقةَ إدَاوَةٍ (١). وسَوَاءٌ كانت إِبِلًا، أو بَقَرًا، أو غَنَمًا. وقال مَالِكٌ، وأبو حنيفةَ: لا يُسَنُّ تَقْلِيدُ الغَنَمِ؛ لأنَّه لو كان سُنَّةً لنُقِلَ كما نُقِلَ فى الإِبِل. ولَنا، أنَّ عائشةَ قالت: كنتُ أفْتِلُ القَلاِئدَ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيُقَلِّدُ الغَنَمَ، ويُقيمُ فى أهْلِه حلالًا. وفى لَفْظٍ: كنتُ أفْتِلُ قَلَائِدَ الغَنَمِ للنَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٢). ولأنَّه هَدْىٌ، فيُسَنُّ تَقْلِيدُه كالإِبِلِ، ولأنَّه إذا سُنَّ تَقْلِيدُ الإِبِلِ مع إمْكَانِ تَعْرِيفِها بالإشْعَارِ، فالغَنَمُ أوْلَى، وليس التَّساوِى فى النَّقْلِ شَرْطًا لِصِحَّةِ


(١) فى الأصل: "أو إداوة".
(٢) فى: باب فتل القلائد للبدن والبقر، وباب إشعار البدن وباب تقليد الغنم، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢٠٧، ٢٠٨.
كما أخرجه مسلم، فى: باب استحباب بعث الهدى إلى الحرم. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٥٧، ٩٥٨. وأبو داود، فى: باب من بعث بهديه وأقام، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٠٧. والنسائى، فى: باب فتل القلائد، وباب هل يوجب تقليد الهدى إحراما، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١٣٣، ١٣٧. وابن ماجه، فى: باب تقليد البدن، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ١٩١، ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>