للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي سليمانَ، وعبدُ المَلِكِ بن يَعْلَى، والزُّهْرِىُّ، ورَبِيعَةُ (٦)، والأَوْزَاعِىُّ، وابنُ أبى لَيْلَى: ذلك جائزٌ عليهم؛ لأنَّ الحَقَّ لِلْوَرَثةِ، فإذا رَضُوا بِتَرْكِه سَقَطَ حَقُّهُم، كما لو رَضِىَ المُشْتَرِى بالعَيْبِ. وقال مالِكٌ: إن أَذِنُوا له في صِحَّتِه، فلهم أن يَرْجِعُوا، وإن كان ذلك في مَرَضِه، وحين يُحْجَبُ عن مالِه، فذلك جائِزٌ عليهم. ولَنا، أنَّهم أَسْقَطُوا حُقُوقَهُم فيما لم [يَمْلِكُوه، فلم] (٧) يَلْزَمْهُمْ، كالمَرْأةِ إذا أسْقَطَتْ صَدَاقَها قبلَ النِّكَاحِ، أو أَسْقَطَ الشَّفِيعُ حَقَّه من الشُّفْعةِ قبلَ البَيْعِ، ولأنَّها حالةٌ لا يَصِحُّ فيها رَدُّهُم لِلْوَصِيَّةِ، فلم يَصِحَّ فيها إجازَتُهُم، كما قبلَ الوَصِيَّةِ.

فصل: وإذا أوْصَى بأكْثَرَ من الثُّلُثِ، فأجازَ الوارِثُ الوَصِيّةَ، وقال (٨): إنَّما أجَزْتُها ظَنًّا أنَّ المالَ قَلِيلٌ، فبانَ كَثِيرًا. فإن كانت للمُوصِى بَيِّنةٌ تَشْهَدُ بِاعْتِرافِه بمَعْرِفةِ قَدْرِ المالِ، أو كان المالُ ظاهِرًا لا يَخْفَى عليه، لم يُقْبَلْ قولُه، إلَّا على قولِ مَن قال: الإِجازَةُ هِبَةٌ مُبْتَدَأةٌ. فله الرُّجُوعُ فيما يجوزُ الرُّجُوعُ في الهِبَةِ في مثلِه. وإن لم تَشْهَدْ بَيِّنةٌ باعْتِرَافِه بذلك، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه؛ لأنَّ الإِجازَةَ تَنَزَّلَتْ مَنْزِلةَ الإِبْراءِ، فلا يَصِحُّ في المَجْهُولِ، والقولُ قولُه في الجَهْلِ به مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ العِلْمِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُقْبَلَ قَوْلُه؛ لأنَّه أجَازَ عَقْدًا له الخِيَارُ في فَسْخِه، فبَطَلَ خِيَارُه، كما لو أجَازَ البَيْعَ مَنْ له الخِيَارُ في فَسْخِه بِعَيْبٍ أو خِيَارٍ. وإن أوْصَى بمُعَيَّنٍ، كعَبْدٍ أو فَرَسٍ يَزِيدُ على الثُّلُثِ، فأجازَ الوَصِيَّةَ بها (٦)، ثم قال: ظَنَنْتُ المالَ كَثِيرًا تَخْرُجُ الوَصِيّةُ من ثُلُثِه، فبانَ قَلِيلًا، أو ظَهَرَ عليه دَيْنٌ لم أعْلَمْهُ. لم تَبْطُل الوَصِيَّةُ؛ لأنَّ العَبْدَ مَعْلُومٌ لا جَهَالَةَ فيه. ويَحْتَملُ أن يَمْلِكَ الفَسْخَ؛ لأنَّه قد يَسْمَحُ بذلك ظَنًّا منه أنَّه يَبْقَى له من المالِ ما يَكْفِيه، فإذا بانَ خِلَافُ ذلك، لَحِقَهُ الضَّرَرُ في الإِجَازَةِ، فمَلَكَ الرُّجُوعَ كالمَسْأَلةِ التي (٦) قبلَها.


(٦) سقط من: الأصل.
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) في أ: "ثم قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>