للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِكٍ، وأبى حنيفةَ في الإِمامِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا نَسِىَ أحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ (٦١) ". ولأنَّه أخَلَّ بِسُنَّةٍ قَوْلِيَّةٍ، فَشُرِعَ السُّجُودُ لها، كَتَرْكِ القُنُوتِ. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالقُنُوتِ، وبالتَّشَهُّدِ الأَوَّلِ، فإنَّه عندَ الشَّافِعِىِّ سُنَّةٌ ويَسْجُدُ تَارِكُهُ، فإذا قُلْنا بهذا [فإنَّ السُّجُودَ مُسْتَحَبُّ] (٦٢) غيرُ واجِبٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن رَجُلٍ سَهَا، فجهَرَ فيما يُخَافَتُ فيه، فهل عليه سَجْدَتَا السَّهْوِ؟ قال: أمَّا عليه فلا أقُولُ عليه، ولكنْ إن شَاءَ سَجَدَ. وذَكَرَ أبو عبدِ اللَّه الحَدِيثَ عن عمرَ، أو غيرِه، أنَّه كان يُسْمَعُ منه نَغْمَةٌ في صَلَاةِ الظُّهْرِ (٦٣). قال: وأَنَسٌ جَهَرَ فلم يَسْجُدْ. وقال: إنَّما السَّهْوُ الذي يَجِبُ فيه السُّجُودُ ما رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال صَالِحٌ: قال أبِى: إن سَجَدَ فلا بَأْسَ، وإن لم يَسْجُدْ فليس عليه. ولأنَّه جَبْرٌ لما ليس بِوَاجِبٍ، فلم يكنْ وَاجِبًا كسَائِرِ السُّنَنِ.

فصل: قَوْلُه: "أو صَلَّى خَمْسًا". يَعْنِى في صَلَاةٍ رُبَاعِيَّةٍ، فإنَّه متى قامَ إلى الخَامِسَة في الرُّبَاعِيَّةِ، أو إلى الرَّابِعَة في المَغْرِبِ، أو إلى الثَّالِثَة في الصُّبْحِ، لَزِمَهُ الرُّجُوعُ متى ما ذَكَرَ، فَيَجْلِس؛ فإنْ كان قد تَشَهَّدَ عَقِيبَ الرَّكْعَةِ التي تَمَّتْ بها صَلَاتُه، سجد لِلسَّهْوِ، ثم سَلَّمَ (٦٤). وإن كان قد تَشَهَّدَ، ولم يُصَلّ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، صَلَّى عليه، ثم سَجَدَ لِلسَّهْوِ وسَلَّمَ. وإن لم يَكُنْ تَشَهَّدَ، تَشَهَّدَ وسَجَدَ للسَّهْوِ، ثم سَلَّمَ. فإن لم يَذْكُرْ حتى فَرَغَ من الصَّلاةِ، سجد سَجْدَتَيْنِ، عَقِيبَ ذِكْرِهِ، وتَشَهَّدَ وسلَّم (٦٥)، وصَلَاتُه صَحِيحَةٌ. وبهذا قال عَلْقَمَةُ، والحسنُ، وعَطَاءٌ


(٦١) تقدم في صفحة ٤١٨.
(٦٢) في م: "كان السجود مستحبا".
(٦٣) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في القراءة في الظهر قدر كم، من كتاب الصلاة. المصنف ١/ ٣٥٦. وانظر شرح معانى الآثار ١/ ٢٠٩، ٢١٠.
(٦٤) في م: "يسلم".
(٦٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>