للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالكٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. والرِّواية الثانية، قال أحمدُ: لا يُعْجِبُنِى أن يتزوَّجَ إلَّا أمَةً واحدةً. يَذْهَبُ إلى حديثِ ابن عباسٍ، وهو ما رُوِىَ عن ابن عباسٍ: أَنَّ الحُرَّ لا يتزوَّجُ من الإِمَاءِ إلَّا واحدةً، وقرأ: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} (١). وبه قال قَتادةُ، والشافعىُّ، وابنُ الْمُنْذِرِ؛ لأنَّ (٢) مَنْ له زَوْجةٌ يُمْكِنُه وَطْؤُها لا يَخْشَى العَنَتَ. ووَجْهُ الأُولَى قولُه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}. الآية. وهذا داخِلٌ فى عُمُومِها، ولأنَّه عادِمٌ للطَّوْلِ، خائِفٌ لِلْعَنَتِ، فجاز له نِكاحُ أمَةٍ كالأُولَى (٣). وقولُهم: لا يَخْشَى العَنَتَ. قُلْنا: الكلامُ فى مَن يَخْشَاه، ولا نُبِيحُه إلَّا له. وقولُ ابن عباسٍ يُحْمَلُ على مَنْ لم يَخْشَ العَنَتَ، وكذلك الرِّوايةُ الأُخْرَى عن أحمدَ. وإن تزوَّجَ حُرّةً فلم تُعِفَّه، فذَكَرَ فيها أبو الخَطَّابِ رِوَايتَيْنِ، مِثْلِ نِكاحِ الأَمَةِ فى حَقِّ مَنْ تحتَه أمَةٌ لم تُعِفَّه؛ لما ذكرْنا. وإن كانت الحُرَّةُ تُعِفُّه، فلا خِلافَ فى تحْريمِ نِكاحِ الأَمَةِ. وإن نَكَحَ أمَةً تُعِفُّه، لم يَكُنْ له أن يَنْكِحَ أُخْرَى، فإن نَكَحَها، فنِكاحُها (٤) باطِلٌ. [وإن تزَوَّج أمَتَيْنِ فى عَقْدٍ، وهو يَسْتَعِفُّ بواحدةٍ، فنكاحُه باطلٌ] (٥)؛ لأنَّه يَبْطُلُ فى إحْداهما، وليست إحْداهما بأَوْلَى من الأُخْرَى، فبَطَلَ، كما لو جَمَعَ بين أُخْتَيْنِ.

فصل: وللعبدِ أن يَنْكِحَ الأمَةَ، وإن فُقِدَ فيه الشَّرطان؛ لأنَّه مُسَاوٍ لها، فلم يُعْتَبَرْ فيه هذان الشَّرْطان، كالحُرِّ مع الحُرَّةِ. وله نكاحُ أمَتَيْنِ معًا، وواحدةٍ بعد واحدةٍ؛ لأنَّ خَشْيَةَ العَنَتِ غيرُ مَشْرُوطةٍ (٦) فيه. وإن تزوَّجَ حُرَّةً، وقُلْنا: ليست الحُرِّيّةُ شَرْطًا فى


(١) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى نكاح إماء المسلمين، وباب لا تنكح أمة على أمة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٧٣، ١٧٥. وابن أبى شيبة، فى: باب من رخص للحر أن يتزوج الأمة، كم يجمع منهن، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ١٤٧.
(٢) فى ب: "ولأن".
(٣) فى م: "الأولى".
(٤) فى أ: "فنكاحه".
(٥) سقط من: أ، م.
(٦) فى الأصل، ب: "مشترطة".

<<  <  ج: ص:  >  >>