للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْقُطُ [إلَّا بالبَيِّنةِ] (٢٦)، ولأنَّ (٢٧) لها فَضِيلةَ الأُمُومةِ. والثانى، تُقَدَّمُ (٢٨) البِنْتُ؛ لأنَّه بَدَأَ بقَذْفِها. ومتى حُدَّ لإِحْداهما، ثم وَجَبَ عليه الحَدُّ للأُخْرَى، لم يُحَدَّ حتى يَبْرَأَ جلدُه من حَدِّ (٢٩) الأُولَى. فإن قيل: إنَّ الحَدَّ ههُنا حَقٌّ لآدَمىٍّ، فلِمَ لا يُوالَى بينهما كالقِصاص، فإنَّه لو قَطَعَ يَدَىْ رَجُلَيْنِ، قَطَعْنا يَدَيْه لهما، ولم نُؤَخِّرْه؟ قُلْنا: لأنَّ حَدَّ القَذْفِ لا يتكَرَّرُ بتَكَرُّرِ سَبَبِه قبلَ إقامةِ حَدِّه، فالمُوالاةُ بين حَدَّيْنِ فيه تُخْرِجُه عن مَوْضُوعِه، والقِصاصُ يجوزُ أن تُقْطَعَ الأطْرافُ كلُّها فى قِصاص واحدٍ، فإذا جازَ لواحدٍ، فلاثْنَيْنِ أَوْلَى.

فصل: وإن قَذَفَ مُحْصَنًا مَرَّاتٍ، فحَدٌّ واحدٌ، رِوايةً واحدةً، سَواءٌ قَذَفَه بزِنًى آخرَ، أو كَرَّرَ القَذْفَ بالأَوّلِ؛ لأنَّهما حَدَّانِ ترادَفَ سَبَبُهما، فتداخَلَا، كالزِّنَى مِرارًا. وإن قَذَفَه فحُدَّ له، ثم قَذَفَه مَرَّةً أُخْرَى بذلك الزِّنَى، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه قد تحقَّقَ كَذِبُه فيه بالحَدِّ، فلا حاجةَ إلى إظْهارِ كَذِبِه فيه ثانيًا، ولمَّا جَلَدَ عمرُ أبا بَكْرةَ حين شَهِدَ على المُغيَرةِ بن شُعْبةَ، أعاد قَذْفَه، فهَمَّ عمرُ بإعادةِ الحَدِّ عليه، فقال له علىٌّ: إن جَلَدْتَه فارْجُم صاحِبَه. فتَرَكَه (٣٠). ولكنَّه يُعَزَّرُ تَعْزِيرَ السَّبِّ والشَّتْمِ. وذكر القاضى أَنَّ فيه رِوَايةً أُخْرَى، أَنَّ عليه الحَدَّ ثانيًا؛ لأنَّه قَذْفٌ ثانٍ بعَد إقامةِ (٣١) الحَدِّ عليه، فأشْبَه ما لو قَذَفَه بزِنًى ثانٍ. وأمَّا إن قَذَفَه بزِنًى آخَرَ، فعليه حَدٌّ آخَرُ؛ لأنَّه قَذْفٌ لمُحْصَنٍ لم يحَدَّ فيه، فوَجَبَ أن يتَعَقَّبَه الحَدٌّ كالأوَّلِ، ولأنَّ سَبَبَ الحَدِّ وُجِدَ بعَد إقامَتِه، فأعِيدَ


(٢٦) فى الأصل: "بالبينونة".
(٢٧) فى الأصل: "ولأمها".
(٢٨) فى الأصل، ب، م: "تقديم".
(٢٩) فى الأصل: "جلد".
(٣٠) أخرجه البيهقى، فى: باب شهود الزنى اذا لم يكملوا أربعة، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٣٤، ٢٣٥. وابن أبى شيبة، فى: باب فى الرجل يقذف الرجل. . .، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٣٥.
(٣١) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>