للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وسَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، والشَّعْبِيِّ، والأوْزاعِيِّ، وإسحاقَ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ: الصَّوْمُ أفْضَلُ لمن قَوِىَ عليه. ويُرْوَى ذلك عن أنَسٍ، وعثمانَ بن أبى العاصِ. واحْتَجُّوا بما رُوِىَ عن سَلَمَةَ (١٠) بن الْمُحَبَّق، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "مَنْ كَانَتْ لَهُ حَمُولَةٌ يَأْوِى إلى شِبَعٍ، فَلْيَصُمْ رَمَضَانَ حَيْثُ أدْرَكَهُ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (١١)، ولأنَّ مَن خُيِّرَ بين الصَّوْمِ والفِطْرِ، كان الصَّوْمُ له (١٢) أفْضَلَ كالتَّطَوُّعِ. وقال عمرُ بنُ عبدِ العزِيزِ، ومُجاهِدٌ، وقَتَادَةُ: أفْضَلُ الأمْرَيْنِ أيْسَرُهما؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (١٣). ولما رَوَى أبو دَاوُدَ (١٤)، عن حَمْزَةَ بن عَمْرٍو، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ، أُعَالِجُه وأُسَافِرُ عليه، وأكْرِيهِ، وإنَّه رُبَّما صَادَفَنِي هذا الشَّهْرُ -يعنى رَمَضَانَ- وأنا أجِدُ القُوَّةَ، وأنا شَابٌّ، وأجِدُنِي أنْ أَصُومَ، يا رسولَ اللهِ، أَهْوَنَ عَلَيَّ مِن أنْ أُؤَخِّرَ، فيكونُ دَيْنًا عَلَيَّ، أفأصُومُ يا رسولَ اللَّه أعْظَمُ لأجْرِى، أو (١٥) أفْطِرُ؟ قال: "أيَّ ذلِكَ شِئْتَ يا حَمْزَةُ". ولَنا، ما تَقَدَّمَ من الأخْبارِ في الفَصْلِ الذى قَبْلَه، ورُوِىَ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "خَيْرُكُمْ الَّذِى يُفْطِرُ في السَّفَرِ ويَقْصُرُ" (١٦). ولأنَّ في الفِطْرِ خُرُوجًا من الخِلافِ، فكان أفْضَلَ، كالقَصْرِ. وقِياسُهم يَنْتَقِضُ بالمَرِيضِ وبصَوْمِ الأيَّامِ المَكْرُوهِ صَوْمُها.

٥٠٩ - مسألة؛ قال: (وقَضَاءُ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقًا يُجْزِئ، والمُتَتَابِعُ أَحْسَنُ)

هذا قولُ ابنِ عَبَّاسٍ، وأنَسِ بن مالِكٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وابنِ مُحَيْرِيزٍ، وأبي قِلابَةَ،


(١٠) في م: "مسلمة" تحريف.
(١١) في: باب من اختار الصيام، من كتاب الصيام. سنن أبي داود ١/ ٥٦٢.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٧٦.
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) سورة البقرة ١٨٥.
(١٤) في: باب الصوم في السفر، من كتاب الصيام. سنن أبي داود ١/ ٥٦٠.
(١٥) في م: "أم".
(١٦) تقدم تخريجه في ٣/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>