للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَرَتْ هذه المَسْألةُ في وَقْتِ شَيْخِنا أبى عَبْدِ اللهِ فَصَلَّى، وصَلَّاهَا القاضي أبو يَعْلَى أيضًا؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ" (٣٢). فَجَعَلَ القِيامَ مع الصِّيَامِ. وذَهَبَ أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ إلى تَرْكِ القِيَامِ، وقال: المُعَوَّلُ في الصِّيَامِ على حديثِ ابنِ عمرَ، وفِعْلِ الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ، ولم يُنْقَلْ عنهم قِيَامُ تِلْكَ اللَّيْلَة. واخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّونَ؛ لأنَّ الأَصْلَ بَقَاءُ شَعْبانَ، وإنما صِرْنَا إلى الصَّوْمِ احْتِيَاطًا لِلْوَاجِبِ، والصَّلَاةُ غيرُ وَاجِبَةٍ، فَتَبْقَى على الأصْلِ.

فصل: قال أبو طَالِبٍ: سَألْتُ أحمدَ إذا قَرَأَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} يَقْرَأُ من البَقَرَةِ شَيْئَا؟ قال: لا. فلم يسْتَحِبَّ أن يَصِلَ خَتْمَتَهُ بِقِرَاءَةِ شَىْءٍ، ولَعَلَّه لم يَثْبُتْ فيه (٣٣) عِنْدَه أثَرٌ صَحِيحٌ يَصِيرُ إليه. قال أبو دَاوُدَ: وذَكَرْتُ لأحمدَ قَوْلَ ابنِ المُبَارَكِ: إذا كان الشِّتَاءُ فَاخْتِمِ القُرْآنَ في أوَّلِ اللَّيْلِ، وإذا كان الصَّيْفُ فَاخْتِمْه في أوَّلِ النَّهَارِ. فكأنَّه أعْجَبَه. وذلك، لما رُوِىَ عن طَلْحَةَ بن مُصَرِّف (٣٤)، قال: أدْرَكْتُ أهْلَ الحرمَيْنِ (٣٥) من صَدْرِ هذه الأُمَّةِ يَسْتَحِبُّونَ الخَتْمَ في أوَّلِ اللَّيْلِ، وفى أوَّلِ النَّهَارِ، يَقُولُونَ: إذا خَتَم في أَوَّلِ اللَّيْلِ صَلَّتْ عليه المَلَائِكَةُ حتى يُصْبِحَ، وإذا خَتَمَ في أوَّلِ النَّهَارِ صَلَّتْ عليه المَلَائِكَةُ حتى يُمْسِىَ. وقال بعضُ أهْلِ العِلْمِ: يُسْتَحَبُّ أن يَجْعَلَ خَتْمَةَ النَّهَارِ في رَكْعَتَىِ الفَجْرِ أو بَعْدَهما، وخَتْمَةَ اللَّيْلِ


(٣٢) أخرجه النسائي، في: باب ذكر الاختلاف على معمر فيه، وباب اختلاف يحيى بن أبي كثير، من كتاب الصيام. المجتبى ٤/ ١٠٤، ١٣٢. وابن ماجه، في: باب ما جاء في قيام شهر رمضان، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤٢١. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ١٩١، ١٩٥.
(٣٣) سقط من: الأصل.
(٣٤) أبو محمد طلحة بن مصرف بن عمرو الهمداني الكوفى، تابعى ثقة، توفى سنة اثنتى عشرة ومائة. تهذيب التهذيب ٥/ ٢٥، ٢٦.
(٣٥) في م: "الخير".

<<  <  ج: ص:  >  >>