للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَجْعَلُها عُمْرَةً، ولَنا، أنَّ النَّبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ أصْحابَه بالإحْرامِ (٥) بنُسُكٍ مُعَيَّنٍ، فقال: "مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ" (٦). والنَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصْحابُه إنَّما أحْرَمُوا بِمُعَيَّنٍ، على ما ذَكَرْنَا فى الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وأصْحابُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الذين كانوا معه فى حَجَّتِه (٧)، يَطَّلِعُونَ (٨) على أحْوَالِه، ويَقْتَدُونَ (٩) بِأفْعالِه، ويَقِفُونَ على ظاهِرِ أمْرِه وباطِنِه، أعْلَمُ به مِن طاوُسٍ، وحَدِيثُه مُرْسَلٌ، والشَّافِعِىُّ لا يَحْتَجُّ بِالمَرَاسِيلِ المُفْرَدَةِ، فكيف يَصِيرُ إلى هذا، مع مُخَالَفَتِه لِلرِّوَايَاتِ المُسْتَفِيضَةِ المُتَّفَقِ عليها! والاحْتِياطُ مُمْكِنٌ، بأن يَجْعَلَها عُمْرَةً، فإن شاء كان مُتَمَتِّعًا، وإن شاءَ أَدْخَلَ الحَجَّ عليها، فكان قَارِنًا.

فصل: فإن أطْلَقَ الإحْرامَ، [فنَوَى الإحْرَامَ] (١٠) بِنُسُكٍ، ولم يُعَيِّنْ حَجًّا ولا عُمْرَةً، صَحَّ، وصارَ مُحْرِمًا؛ لأنَّ الإحْرامَ يَصِحُّ مع الإبْهامِ، فصَحَّ مع الإطْلاقِ. فإذا أحْرَمَ مُطْلَقًا، فله صَرْفُه إلى أىِّ الأنْسَاكِ شاءَ؛ لأنَّ له أن يَبْتَدِئ الإحْرامَ بما شاءَ منها، فكان له صَرْفُ المُطْلَقِ إلى ذلك، والأوْلَى صَرْفُه إلى العُمْرَةِ؛ لأنَّه إنْ كان فى غير أشْهُرِ الحَجِّ، فالإحْرامُ بِالحَجِّ مَكْرُوهٌ أو مُمْتَنِعٌ، وإنْ كان فى أشْهُرِ الحَجِّ. فالعُمْرَةُ أوْلَى؛ لأنَّ التَّمَتُّعَ أفْضَلُ. وقد قال أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه: يَجْعَلُه (١١) عُمْرَةً؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ أبا موسى، حين أحْرَمَ بما أهَلَّ به رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أن يَجْعَلَهُ عُمْرَةً. كذا هاهُنا.


(٥) سقط من: أ.
(٦) تقدم تخريجه، وهو من حديث عائشة، فى صفحة ١٥.
(٧) فى الأصل: "صحبته".
(٨) فى ب، م: "مطلعون".
(٩) فى الأصل: "ويعتدون".
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) فى الأصل: "يجعلها".

<<  <  ج: ص:  >  >>