للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما فَضَلَ] (٤) منه، وفارَقَ ما إذا أوْصَى بمُعَيَّنٍ؛ لأنَّه لا يَتَناولُ شَيْئًا منه.

فصل: فإن أوْصَى له بمُعَيَّنٍ من مالِه، كثَوْبٍ أو دارٍ أو بمائةِ دِرْهَمٍ، فالوَصِيّةُ باطِلةٌ، في قولِ الأَكْثَرِينَ. وبه يقول الثّوْرِيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وذَكَرَ ابنُ أبي موسى رِوَايةً أخرى عن أحمدَ، أنَّها تَصِحُّ. وهو قولُ مالِكٍ، وأبى ثَوْرٍ. وقال الحَسَنُ، وابنُ سِيرِينَ: إن شاءَ الوَرَثَةُ أجازُوا، وإن شاءُوا رَدُّوا. ولَنا، أن العَبْدَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ، فما وَصَّى به له فهو لهم، فكأنَّه أَوْصَى لِوَرَثتِه بما يَرِثُونَه، فلا فائِدَةَ فيه. وفارَقَ ما إذا أوْصَى له بمُشَاعٍ؛ لما ذَكَرْناه.

فصل: وإن أوْصَى له بِرَقَبَتِه، فهو تَدْبِيرٌ، يَعْتِقُ إن حَمَلَهُ الثُّلُثُ. وبهذا قال مالِكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ: الوَصِيّةُ باطِلةٌ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ رَقَبَتَه. ولَنا، أنَّه أوْصَى له بمَنْ لا يَمْلِكُه على الدَّوَامِ، فصَحَّ، كما لو وَصَّى [به لأبِيهِ] (٥)، ولأنَّ مَعْنَى الوَصِيّةِ له برَقَبَتِه عِتْقُه، لِعِلْمِه بأنَّه لا يَمْلِكُ رَقَبَتَه، فصارَتِ الوَصِيَّةُ به كِنَايةً عن إِعْتاقِه بعدَ مَوْتِه. وإن أوْصَى له ببعضِ رَقَبَتِه، فهو تَدْبِيرٌ لذلك الجُزْءِ، وهل يَعْتِقُ (٦) جَمِيعُه إذا حَمَلَهُ الثُّلُث؟ على رِوَايَتَيْنِ، ذَكَرَهُما الخِرَقِيُّ فيما إذا دَبَّرَ بعضَ عَبْدِه وهو مالِكٌ لِكُلِّه. وقال أصحابُ الرأى: يَسْعَى في قِيمَةِ باقِيه. وهذا شيءٌ يأتى في بابِ العِتْقِ، إن شاءَ اللَّه تعالى.

فصل: وإن أَوْصَى لِمُكَاتَبه (٧)، أو مُكَاتَبِ وارِثِه، أو مُكَاتَبِ أجْنَبِيٍّ، صَحَّ، سواءٌ أوْصَى له بجُزْءٍ شائِعٍ أو مُعَيَّنٍ؛ لأنَّ وَرَثَتَه لا يَسْتَحِقُّونَ المُكَاتَبَ، ولا يَمْلِكُونَ مالَه. وإن أوْصَى لأُمِّ وَلَدِه، صَحَّتِ الوَصِيّةُ؛ لأنَّها حُرَّةٌ حين لُزُومِ الوَصِيَّةِ. وقد


(٤) في م: "فأفضل".
(٥) في م: "بأبيه".
(٦) في أ، م: "يعتقه".
(٧) في أ: "بمكاتبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>