للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن أَحْرَمَ مَأْمُومًا، ثم صَارَ إمَامًا، أو نَقَلَ نَفْسَه إلى الائْتِمَامِ بإمامٍ آخَرَ، جازَ في مَوْضِعٍ واحِدٍ، وهو إذا سَبَقَ الإِمامَ الحَدَثُ، فاسْتَخْلَفَ مَن يُتِمُّ بهم الصلاةَ، وقد ذَكَرْنا هذا. ولا يَصِحُّ في غيرِه، إلَّا أن يُدْرِكَ اثْنانِ بعضَ الصلاةِ مع الإِمامِ، فلمَّا سَلَّمَ ائْتَمَّ أحَدُهما بِصَاحِبِه في بَقِيَّة الصَّلَاةِ، ففيه وَجْهَانِ. وإن نَوَى كُلُّ واحِدٍ منهما أنَّه إمَامُ صَاحِبِه، أو مَأْمُومٌ له، فَسَدَتْ صَلَاتُهما؛ لما ذَكَرْناهُ من قَبْلُ. وإن نَوَى الإِمامُ (٥٠) الائْتِمامَ بغيرِه لم يَصِحَّ إلَّا في مَوْضِعٍ واحِدٍ، وهو إذا اسْتَخْلَفَ الإِمامُ مَن يُصَلِّى، ثم جاءَ في أثْناء الصلاةِ، فتَقَدَّمَ فصارَ إمامًا، وبَنَى على صَلَاةِ خَلِيفَتِه، وفى ذلك ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، قد ذَكَرْناها.

٢٦٢ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ أَدْرَكَ الإِمَامَ رَاكِعًا فرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى حَتَّى دَخَلَ في الصَّفِّ، وهُوَ لَا يَعْلَمُ بقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأبِى بَكْرَةَ: "زَادَكَ اللهُ حِرْصًا ولَا تَعُدْ" قيل له: لا تَعُدْ. وقد أَجْزَأَتْه صَلَاتُه، فإنْ عَادَ بَعْدَ النَّهْىِ لَمْ تُجْزِئْهُ صَلَاتُه، ونَصَّ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللهُ، على هذا في رِوَايَةِ أبِى طَالِبٍ)

وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ مَنْ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثم دَخَلَ فيه، لا يَخْلُو من ثلاثةِ أحْوَالٍ:

إمَّا أن يُصَلِّىَ رَكْعَةً كامِلَةً، فلا تَصِحُّ صلاتُه؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ" (١). والثانى، أن يَدِبَّ رَاكِعًا حتَّى يَدْخُلَ في الصَّفِّ قَبْلَ رَفْعِ الإِمَامِ رَأْسَه من الرُّكُوعِ، أو أن يَأْتِىَ آخَرُ فيَقِفَ معه قبلَ أن يَرْفَعَ الإِمامُ رَأْسَه من الرُّكُوعِ فإنَّ صَلَاتَه تَصِحُّ؛ لأنَّه أدْرَكَ مع الإِمامِ في الصَّفِّ ما يُدْرِكُ به الرَّكْعَةَ. وممن رَخَّصَ في رُكُوعِ الرَّجُلِ دُونَ الصَّفِّ زَيْدُ بن ثابِتٍ، وفَعَلَهُ ابنُ مسعودٍ، وزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وأبو بكرِ بن عبدِ الرحمنِ، وعُرْوَةُ، وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وابنُ جُرَيْحٍ.


(٥٠) سقط من: الأصل.
(١) تقدم في صفحة ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>