للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَجُوزُ فى حَقِّ أُمَّتِه كالدَّراهمِ، ولأنَّه يَصْلُحُ عِوَضًا فى البَيْعِ، فإنَّه لو قال: أعْتِقْ عَبْدَكَ على ألفٍ. جازَ، فلَأنْ يكونَ عِوَضًا فى النِّكاحِ أوْلَى؛ فإنَّ النِّكاحَ لا يُقْصَدُ فيه العِوَضُ. وعلى هذا لو تَزَوَّجَها على أن يُعْتِقَ أباهَا، صَحَّ. نَصَّ عليه أحمدُ، فى رِوايةِ عبدِ اللَّه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ العِتْقَ يَصِيرُ صَداقًا، كما لو دَفَعَ إليها مالًا ثم تَزَوَّجَها عليه. فإن بَذَلَتْ له نَفْسَها ليتَزَوَّجَها فامْتَنَعَ، لم يُجْبَرْ، وكانتْ له القِيمةُ؛ لأنَّها إذا لم تُجْبَرْ على تَزْوِيجِه نَفْسَها، لم يُجْبَرْ هو على قَبُولِها. وحكمُ المُدَبّرة، والمُعْتَقةِ بصِفَةٍ، وأُمِّ الوَلَدِ، حكمُ الأَمَةِ القِنِّ فى جَمِيعِ ما ذكَرْناه.

فصل: وإن أعْتَقَتِ امرأةٌ عَبْدَها، بشَرْطِ أن يتَزَوَّجَها، عَتَقَ، ولا شىءَ عليه؛ لأنَّ النِّكاحَ يَحْصُلُ به المِلْكُ للزَّوْجِ، وليس بمَمْلُوكٍ به، فإذا اشْتَرَطَتْ عليه إثْباتَ المِلْكِ له، لم يَلْزَمْه ذلك، كما لو اشترطتْ عليه أن تُمَلِّكَه دارًا. ولو أراد العبدُ تَزَوُّجَها (٢٥) لم تُجْبَرْ؛ لأنَّ الشَّرْط لها، فلا يُوجَبُ عليها، كما لو شَرَطَ السَّيِّدُ على أمَتِه أن تُزَوِّجَه نَفْسَها، لم يَلْزَمْه ذلك.

فصل: ولا بأسَ أن يُعْتِقَ الرَّجُلُ الأَمَةَ ثم يتَزَوَّجَها، سواءٌ أعْتَقَها لوَجْهِ اللَّه تعالى، أو أعْتَقَها ليتَزَوَّجَها. وكَرِه أنسٌ تَزَوُّجَ (٢٦) مَنْ أعْتَقَها للَّهِ تعالى. قال الأثْرَمُ: قلتُ لأبى عبدِ اللَّه: رَوَى شُعْبةُ، عن قَتادةَ، عن أنسٍ، أنَّه كَرِهَ أن يُعْتِقَ الأمَةَ، ثم يتَزَوَّجَها (٢٧)؟ فقال: نعم، ذاكَ (٢٨) إذا أعْتَقَها للَّه، كَرِهَ أن يَرْجِعَ فى شىءٍ منها. ولَنا، ما رَوَى أبو مُوسَى، قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ جَارِيَةٌ، فعَلَّمَهَا، وأحْسَنَ إلَيْهَا، ثُمَّ أعْتَقَها، وتَزَوَّجَهَا، فَذلِكَ لهُ أَجْرَانِ". متفقٌ عليه (٢٩). ولأنَّه إذا


(٢٥) فى الأصل: "تزويجها".
(٢٦) فى ب، م: "تزويج".
(٢٧) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب رجل يعتق أمته للَّه تعالى. . .، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ١٥٧.
(٢٨) فى م: "قال".
(٢٩) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>