للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِيعَ الثَّوْبُ، وأخَذَ كلُّ واحِدٍ منهما بِقَدْرِ حَقِّه. وإن كان العَمَلُ من صَانِعٍ لم يَسْتَوْفِ أجْرَهُ، فله حَبْسُ الثَّوْبِ على اسْتِيفَاءِ أَجرِه. فإن كانت الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ الأَجْرِ، دُفِعَتْ إليه، وإن كانت أقَلَّ، فله حَبْسُ الثَّوْبِ على اسْتِيفَاءِ قَدْرِ الزِّيَادَةِ، ويَضْرِبُ مع الغُرَمَاءِ بما بَقِىَ، وإن كانت أكْثَرَ، مثل أن تكونَ الزِّيَادَةُ دِرْهَمَيْنِ، والآخَرُ دِرْهَمٌ، فله قَدْرُ أجْرِه، وما فَضَلَ لِلْغُرَمَاءِ.

فصل: الشَّرْطُ الثانِى، أن لا يكونَ المَبِيعُ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، كالسِّمَنِ، والكِبَرِ، وتَعَلُّمِ الصِّنَاعَةِ أو الكِتَابَةِ أو القُرْآنِ، ونحوِ ذلك. واخْتَلَفَ المذهبُ فى هذا، فذَهَبَ الخِرَقِىُّ إلى أنَّها تَمْنَعُ الرُّجُوعَ. ورَوَى المَيْمُونِىُّ، عن أحمدَ، أنَّها لا تَمْنَعُ. وهو مذهبُ مَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، إلَّا أن مَالِكًا يُخَيِّرُ الغُرَمَاءَ بينَ أن يُعْطُوهُ السِّلْعَةَ أو ثَمَنَها الذى بَاعَها به. احْتَجُّوا بالخَبَرِ، وبأنَّه فَسْخٌ لا تَمْنَعُ منه الزِّيَادَةُ المُنْفَصِلَةُ، فلا تَمْنَعُه المُتَّصِلَةُ، كالرَّدِّ بالعَيْبِ، وفَارَقَ الطَّلَاقَ، فإنَّه ليس بِفَسْخٍ، ولأنَّ الزَّوْجَ يُمْكِنُه الرُّجُوعُ فى قِيمَةِ العَيْنِ، فيَصِلُ إلى (١٢) حَقِّه تَامًّا. وهاهُنا لا يُمْكِنُه الرُّجُوعُ فى الثَّمَنِ. ولَنا، أنَّه فَسْخٌ بِسَبَبٍ حَادِثٍ، فلم يَمْلِكْ به الرُّجُوعَ فى عَينِ المالِ الزَّائِدَةِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، كفَسْخِ النِّكَاحِ بالإعْسَارِ أو الرَّضَاعِ، ولأنَّها زِيَادَةٌ فى مِلْكِ المُفْلِسِ، فلم يَسْتَحِقَّ البائِعُ أخْذَها، كالمُنْفَصِلَةِ، وكالحَاصِلَةِ بِفِعْلِه، ولأنَّ النَّمَاءَ لم يَصِلْ إليه من البائِعِ، فلم يَسْتَحِقَّ أخْذَه منه، كغيرِه من أمْوَالِه، وفَارَقَ الرَّدَّ بالعَيْبِ لِوَجْهَيْنِ؛ أحَدِهما، أنَّ الفَسْخَ فيه من المُشْتَرِى، فهو رَاضٍ بإِسْقَاطِ حَقِّه من الزِّيَادَةِ، وتَرْكِهَا لِلْبَائِعِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. والثانى، أنَّ الفَسْخَ ثَمَّ لِمَعْنًى قَارَنَ العَقْدَ، وهو العَيْبُ القَدِيمُ، والفَسْخُ هاهُنا لِسَبَبٍ حادِثٍ، فهو أشْبَهُ بِفَسْخِ النِّكَاحِ الذى لا يَسْتَحِقُّ به اسْتِرْجَاعَ العَيْنِ الزَّائِدَةِ. وقولُهم: إن الزَّوْجَ إنَّما لم يَرْجِعْ فى العَيْنِ لِكَوْنِه يَنْدَفِعُ (١٣) عنه الضَّرَرُ بالقِيمَةِ.


(١٢) فى م: "فى".
(١٣) فى الأصل: "يدفع".

<<  <  ج: ص:  >  >>