للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا أَوى مَعَها فى غيرِها، فقد أوَى مَعَها، فحَنِثَ؛ لمُخالَفَتِه ما حَلَفَ على تَرْكِه، وصارَ هذا بمَنْزِلَةِ سُؤالِ الأعْرابِىِّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: واقَعْتُ أَهلِى فى نهارِ (٣) رَمضانَ. فقال: "أَعْتِقْ رَقَبَةً" (٤). لمَّا كان ذِكْرُ أَهْلِه لا أثَرَ له فى (٥) إيجابِ الكَفَّارَةِ، حَذَفْناه من السَّبَبَ، وصارَ السَّبَبِ الوِقاعَ، سواءٌ كان للأَهْلِ أو لغَيْرِهم. وإِنْ كان للدَّارِ أثَرٌ فى يَمِينِه، مثل أَنْ كان يَكْرَه سُكْناها، أو خُوصِمَ من أجْلِها، أو امْتُنَّ عليه بها، لم يَحْنَثْ إذا أَوَى معها فى غيرِها؛ لأَنَّه قَصَدَ بيَمِيِنه الجَفاءَ فى الدَّارِ بعَيْنِها، فلم يُخالِفْ ما حَلَفَ عليه. وإِنْ عُدِمَ السَّبَبُ والنِّيَّةُ، لم يَحْنَثْ إِلَّا بفِعْلِ ما تَناوَلَه لَفْظُه، وهو الأوِىُّ معها فى تِلْكَ الدارِ بعَيْنِها؛ لأنَّه يَجِبُ اتِّباعُ لَفْظِه، إذا لم تَكُنْ نِيَّةٌ ولا سَبَبٌ يصْرفُ اللَّفْظَ عن مُقْتَضاهُ، أو يَقْتَضِى زيادَةً عليه، ومَعْنَى الأوِىِّ الدُّخُولُ، فمتى حَلَفَ لا يَأْوِى معها، فدَخَلَ مَعَها الدَّارَ، حَنِثَ، قليلًا كان لُبْثُهما أو كثيرًا، قال اللَّه تعالى مُخْبِرًا عن فَتَى موسى: {إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} (٦). قال أحمدُ (٧): لما (٨) كان ذلك إلَّا ساعَةً، أو ما شاءَ اللَّهُ تعالى. يُقال: أَوَيْتُ أنَا، وآويْتُ غَيْرِى. قال اللَّه تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} (٩) وقال اللَّهُ تعالَى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} (١٠).

فصل: وإِنْ بَرَّها بِهَدِيَّةٍ أو غيرِها، أو اجْتَمَعَ معها فيما ليس بدارٍ ولا بَيْتٍ، لم يَحْنَثْ، سواءٌ كان للدَّارِ (١١) سَبَبٌ (١٢) فى يَمِينه أو لم يكُنْ؛ لأنَّه قَصَدَ جَفاءَها بهذا النَّوْعِ، فلم يَحْنَثْ بغيرِه. وإِنْ حَلَفَ أَنْ (١٣) لا يَأْوِىَ مَعَها فى دارٍ لسَبَبٍ، فزالَ السَّبَبُ


(٣) سقط من: ب.
(٤) تقدم تخريجه، فى: ٤/ ٣٧٣.
(٥) سقط من: م.
(٦) سورة الكهف ٦٣.
(٧) سقط من: ب، م.
(٨) فى الأصل، أ، ب: "كم".
(٩) سورة الكهف ١٠.
(١٠) سورة المؤمنون ٥٠.
(١١) فى أ، ب، م: "الدار".
(١٢) فى أ: "سببا".
(١٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>