للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه يَبْلُغُ فى أثْناء النَّهَارِ بالسِّنِّ، أو عَلِمَ المُسَافِرُ أنَّه يَقْدَمُ، لم يَلْزَمْهما الصِّيامُ قبلَ زَوَالِ عُذْرِهِما؛ لأنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ مَوْجُودٌ، فَيَثْبُتُ حُكْمُها، كما لو لم يَعْلَما ذلك.

فصل: ويلْزَمُ المُسَافِرَ والحَائِضَ والمَرِيضَ القَضَاءُ، إذا أفْطرُوا، بغيرِ خِلافٍ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٥). والتَّقْدِيرُ: فأفْطَرَ. وقالتْ عائشةُ: كُنَّا نَحِيضُ على عَهْدِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فنُؤْمَرُ بِقَضاءِ الصَّوْمِ (٦). وإن أفَاقَ المَجْنُونُ، أو بَلَغَ الصَّبِىُّ، أوْ أسْلَمَ الكَافِرُ، فى أثْنَاء النَّهارِ، والصَّبِىُّ مُفْطِرٌ، ففى وُجُوبِ القَضاءِ رِوايَتَانِ؛ إحْدَاهما، لا يَلْزَمُهم ذلك؛ لأنَّهم لم يُدْرِكُوا وَقْتًا يُمْكِنُهم التَّلبُّسُ بالعِبادَةِ فيه، فأشْبَهَ ما لو زَالَ عُذْرُهُمْ بعدَ خُرُوجِ الوَقْتِ. والثانية: يَلْزَمُهم القَضاءُ؛ لأنَّهم أدْرَكُوا بعضَ وَقْتِ العِبادَةِ، فلَزِمَهم القَضاءُ، كما لو أدْرَكُوا بعضَ وَقْتِ الصلاةِ.

٤٩٩ - مسألة؛ قال: (وَإنْ أكَلَ يَظُنُّ أنَّ الفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ، وقَدْ كَانَ طَلَعَ، أو أفْطَرَ يَظُنُّ أنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ، ولَمْ تَغِبْ، فَعَلَيْهِ القَضَاءُ)

هذا قَوْلُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ من الفُقَهاءِ وغَيْرِهم. وحُكِىَ عن عُرْوَةَ، ومُجاهِدٍ، والحسنِ، وإسحاقَ: لا قَضاءَ عليهم؛ لما رَوَى زيدُ بنُ وَهْبٍ، قال: كُنْتُ جَالِسًا فى مَسْجِدِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى رمضانَ، فى زَمَنِ عمرَ بن الخَطَّابِ، فأُتِينَا بِعِسَاسٍ (١) فيها شَرَابٌ من بَيْتِ حَفْصَةَ، فشَرِبْنَا، ونحنُ نَرَى أنَّه من اللَّيْلِ، ثم انْكَشَفَ السَّحابُ، فإذا الشَّمْسُ طَالِعَةٌ. قال: فجَعَلَ النَّاس يَقُولُونَ: نَقْضِى يَوْمًا مَكَانَه. فقال عمرُ: واللهِ لا نَقْضِيه، ما تَجَانَفْنَا (٢) لإثْمٍ (٣). ولأنَّه لم يَقْصِد


(٥) سورة البقرة ١٨٥.
(٦) تقدم فى ١/ ٣٨٧.
(١) جمع العُسّ، وهو القدح الكبير.
(٢) تجانفنا: تمايلنا.
(٣) أخرجه أبو بكر بن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى الرجل يرى أن الشمس قد غربت، من كتاب الصيام. المصنف ٣/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>