للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأواخرِ (٢٠). إنَّما أمرَه باجتنابِها فى العشرِ لأنّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَ بالْتماسِ ليلةِ القدرِ فى العَشْرِ الأواخرِ، فيَحْتمِلُ أن تَكونَ أوّلَ ليلةٍ منه، ويُمْكِن أنَّ هذا منه على سبيلِ الاحْتياطِ، ولا يَتَحَقَقُ حِنْثُه إلى آخِرِ ليلةٍ مِنَ الشَّهرِ؛ لاحْتمالِ أن تكونَ هى تلك اللَّيلةَ.

فصل: وإذا علَّقَ طلاقَها على شَرْطٍ مُستَقْبَلٍ، ثم قال: عَجَّلْتُ لك تلك الطَّلقةَ. لم تَتَعَجَّلْ؛ لأنَّها مُعَلَّقَةٌ بزمن مُستقبَلٍ، فلم يَكُنْ له إلى تَغْييرِها سبيلٌ. وإن أرادَ تَعْجيلَ طلاقٍ سِوَى تلك الطَّلْقةِ، وقعَتْ بها طلقةٌ، فإذا جاء الزَّمنُ الذى علَّقَ الطَّلاقَ به، وهى فى حِبَالِه، وقعَ بها الطَّلاقُ المُعَلَّقُ.

فصل: إذا قال: أنتِ طالقٌ غدًا إذا قَدِمَ زيدٌ، لم تَطْلُقْ حتى يَقْدَمَ؛ لأنَّ إذا اسمُ زمنٍ مُسْتقبَلٍ، فمعناه أنتِ طالقٌ غدًا وقتَ قدومِ زيدٍ. وإن لم يَقْدَمْ زيدٍ فى غدٍ لم تَطْلُقْ، وإن قَدِمَ بعدَه؛ لأنَّه قَيَّدَ طلاقَها بقُدوم مُقَيَّدٍ بصِفَةٍ، فلا تَطْلُقُ حتى تُوجَدَ. وإن ماتت غُدوةً، وقَدِمَ زيدٌ بعدَ موتِها، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ الوقتَ الذى أوْقعَ طلاقَها فيه لم يأْتِ، وهى مَحَلٌّ للطَّلاقِ، فلم تَطْلُقْ، كما لو ماتتْ قبلَ دخولِ ذلك اليومِ. وإن قال: أنتِ طالقٌ يومَ يَقْدَمُ زيدٌ. فقَدِمَ ليلًا، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّه لم يُوجَدِ الشَّرْطُ، إلَّا أن يُرِيدَ باليومِ الوقتَ، فتَطْلُقُ وقتَ قدومِه؛ لأنَّ الوقتَ يُسَمَّى يومًا، قال اللَّهُ تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} (٢١). وإن ماتتِ المرأةُ غُدْوةً، وقَدِمَ زيدٌ ظُهْرًا، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، نَتَبَيَّنُ أَنَّ طلاقَها وقعَ من أوَّلِ اليومِ؛ لأنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ يومَ الجمعةِ. طَلُقَتْ مِن أوَّلِه، فكذا إذا قال: أنتِ طالقٌ يومَ يَقْدَمُ زيدٌ. فينْبَغِى (٢٢) أن تَطْلُقَ بطُلوعِ فَجْرِه. والثَّانى، لا يَقَعُ الطَّلاقُ؛ لأنَّ شَرْطَه قُدومُ زيدٍ، ولم يُوجَدْ إلا بعدَ مَوْتِ المرأةِ، فلم يَقعْ، بخلافِ يومِ الجمعةِ، فإنَّ شَرْطَ الطَّلاقِ مَجىءُ يومِ الجمعةِ، وقد وُجِدَ، وههُنا شَرْطانِ، فلا


(٢٠) تقدم تخرج أحاديث التماس ليلة القدر فى العشر الأواخر، فى: ٤/ ٤٤٨ - ٤٥٠.
(٢١) سورة الأنفال ١٦.
(٢٢) فى الأصل، أ: "ينبغى".

<<  <  ج: ص:  >  >>