للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: ما أَدْرِى ما هذا؟ قِيلَ له: فتَرَى أن يُؤْتَى مثلُ هذا يَحُلُّ السِّحْرَ؟ فقال: ما أَدْرِى ما هذا؟ ورُوِىَ عن محمد بن سِيرِينَ، أنَّه سُئِلَ عن امرأةٍ يُعَذِّبُها السَّحَرَةُ، فقال رجلٌ: أَخُطُّ خَطًّا عليها، وأغْرِزُ السِّكينَ عندَ مَجْمَعِ الخَطِّ، وأقْرَأُ القرآنَ. فقال محمدٌ: ما أعلمُ بقَراءةِ القرَآنِ بأسًا على حالٍ، ولا أدرِى ما الخَطُّ والسِّكِّينُ؟ ورُوِى عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، في الرَّجُلِ يُؤْخَذُ عن امرأتِهِ، فيلتَمِسُ (٤٤) مَنْ يُداوِيه، فقال: إنَّما نَهَى اللهُ عمَّا يَضُرُّ، ولم يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ. وقال أيضًا: إن اسْتَطَعْتَ أنْ تنْفَعَ أخاكَ فافْعَلْ. فهذا من قولِهِم يَدُلُّ على أنَّ المُعَزِّمَ ونحوَه، لم يَدْخُلُوا في حُكْمِ السَّحَرَةِ؛ لأنَّهم (٤٥) لا يُسَمَّوْنَ به، وهو ممَّا ينْفَعُ ولا يَضُرُّ.

فصل: فأمَّا الكاهِنُ الذي له رَئِىٌّ من الجِنِّ، تَأْتِيه بالأخبارِ، والعَرَّافُ الذي يَحْدِسُ ويتَخرَّصُ، فقد قال أحمدُ، في روايةِ حَنْبَلٍ، في العَرَّافِ والكاهِنِ والسَّاحرِ: أَرَى أنْ يُستَتَابَ من هذه الأفَاعيلِ. قِيلَ له: يُقْتَلُ؟ قال: لا، يُحْبَسُ، لَعَلَّه يرجِعُ. قال: والعِرَافَةُ (٤٦) طَرَفٌ من السِّحْرِ، والسَّاحِرُ أَخْبَثُ، لأنَّ السِّحْرَ شُعْبَةٌ من الكُفْرِ. وقال: السَّاحِرُ والكاهِنُ حُكْمُهُما (٤٧) القَتْلُ، أو الْحَبْسُ حتى يَتُوبَا؛ لأنَّهما يُلَبِّسانِ أمرَهما، وحديثُ عمرَ: اقتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وكاهِنٍ. وليس هو من أمرِ الإِسلامِ. وهذا يدلُّ على (٤٨) أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما فيه روَايتان؛ إحدَاهما، أنَّه يُقْتَلُ إذا لم يَتُبْ. والثانية، لا يقتلُ؛ لأنَّ حكمَه أخفُّ من حكمِ الساحِرِ، وقد اختُلِفَ فيه، فهذا بدَرْءِ القتلِ عنه أوْلَى.

فصل: فأمَّا ساحِرُ أهلِ الكتابِ، فلا يُقْتَلُ لسِحْرِه، إلَّا أن يَقْتُلَ به، وهو ممَّا يُقْتَلُ


(٤٤) في ب: "فالتمس".
(٤٥) في ب، م: "ولأنهم".
(٤٦) في الأصل: "والعراف".
(٤٧) في الأصل زيادة: "في".
(٤٨) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>