للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللَّهِ، فكان الحَلِفُ يَمِينًا، كالحَلِفِ باللَّهِ تعالى. والرِّوايَةُ الثانِيَةُ أصَحُّ، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى، فإنَّ الوُجوبَ من الشارِعِ، ولم يَرِدْ فى هذه الْيَمِينِ نَصٌّ، ولا هى فى قِياس المَنْصُوصِ، فإنَّ الكَفَّارَةَ إنَّما وَجَبَت فى الحَلِفِ باسْمِ اللَّه تَعْظِيمًا لاسْمِه، وإظْهارًا لشَرَفِه وعَظَمَتِه، ولا تَتَحَقَّقُ التَّسْويَةُ.

فصل: وإِنْ قال: هو يَسْتَحِلُّ الخمرَ والزِّنَى إنْ فعلَ. ثم حَنِثَ، أو قال: هو يسْتَحِلُّ تَرْكَ الصَّلاةِ أو الصِّيامِ أو الزكاةِ. فهو كالحَلِفِ بالبَراءَةِ من الإِسْلامِ؛ لأَنَّ اسْتِحْلالَ ذلك يُوجِبُ الكفْرَ، وإِنْ قال: عَصَيْتُ اللَّه فيما أمَرَنِى، أو فى كُلِّ ما افْتَرَضَ عَلىَّ، أو مَحَوْتُ المُصْحَفَ، أو أنا أسْرِقُ، أو أقْتُلُ النَفْسَ التى حَرَّمَ اللَّه إنْ فَعَلْتُ. وحَنِث، لم تَلْزَمْه كَفّارَةٌ؛ لأنَّ هذا دونَ الشِّرْكِ، وإن قال: أَخْزاهُ اللَّهُ، أو أَقْطَعَ يَدَه، أو لَعَنه اللَّهُ (٦)، إنْ فَعَلَ. ثم حَنِثَ، فلا كَفّارَةَ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ (٧). وبهذا قال عَطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال طاوُسٌ، واللَّيْثُ: عليه كَفّارَةٌ. وبه قال الأوْزَاعِىُّ إذا قال: عليه لَعْنَةُ اللَّهِ. ولَنا، أَنَّ هذا لا يُوجِبُ الكُفْرَ، فأشْبَهَ ما لو قال: مَحَوْتُ المُصْحَفَ. وإِنْ قال: لا يَرانِى اللَّهُ فى موضِعِ كذا إنْ فعلتُ. وحَنِثَ. فقال القاضى: عليه الكَفَّارَةُ (٨). وذكرَ أَنَّ أحمدَ نَصَّ عليه. والصَّحِيح أَنَّ هذا لا كَفّارَةَ فيه؛ لأنَّ إيجابَها فى هذا ومثلِه تَحَكُّمٌ بغيرِ نَصٍّ، ولا قياسٍ صَحِيحٍ.

فصل: ولا يجوزُ الحَلِفُ بالْبَراءَةٍ من الإِسْلامِ، لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قَالَ: إنِّى بَرِىءٌ مِنَ الإِسْلَامِ. فإنْ كَانَ كَاذِبًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وإِنْ كَانَ صَادِقًا، لَمْ يَعُدْ إلَى الإِسْلَامِ سَالِمًا". روَاه أبو داود (٩).

١٧٨٨ - مسألة؛ قال: (أو بِتَحْرِيمِ مَمْلُوكِهِ، أَوْ شَىْءٍ مِنْ مَالِهِ)

وجُمْلَتُه أنَّه إذا قال: هذا حَرامٌ علىَّ إنْ فَعَلْتُ. فعَلَ، أو قال: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ حرامٌ


(٦) لم يرد فى: الأصل، أ، ب.
(٧) سقط من: ب.
(٨) فى أ، ب، م: "كفارة".
(٩) تقدم تخريجه، فى صفحة ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>