للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشَّافِعِىُّ. وأباحَهُما أبو حنيفةَ؛ لأنَّه يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِه، فمَلَكَ ذلك كالمُكاتَبِ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ على نَفْسِه، فلا يَمْلِكُه بالإِذْنِ في التِّجارَةِ، كَبَيْعِ (٣٦) نَفْسِه وتَزَوُّجِه. وقولُهم: إنَّه يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِه. مَمْنُوعٌ، بل يَتَصَرَّفُ لِسَيِّدِهِ، وبهذا فارَقَ المُكَاتَبَ [فإن المُكاتَبَ] (٣٧) يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِه، ولهذا كان له أن يَبِيعَ من سَيِّدِه.

فصل: وإذا رَأَى السَّيِّدُ عَبْدَه يَتَّجِرُ، فلم يَنهَهُ، لم يَصِرْ مَأْذُونًا له. وبه (٣٨) قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَصِيرُ مَأْذُونًا له؛ لأنَّه سَكَتَ عن حَقِّه، فكان مُسْقِطًا له، كالشَّفِيعِ إذا سَكَتَ عن طَلَبِ الشُّفْعَةِ. ولَنا، أنَّه تَصَرُّفٌ يَفْتَقِرُ إلى الإِذْنِ، فلم يَقُم السُّكُوتُ مَقامَ الإذْنِ، كما لو باعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ والمُرْتَهِنُ ساكِتٌ، أو باعَهُ المُرْتَهِنُ والرّاهِنُ سَاكِتٌ، وكتَصَرُّفاتِ الأَجانِبِ. ويُخَالِفُ الشُفْعَةَ؛ فإنَّها تَسْقُطُ بمُضِىِّ الزَّمَانِ إذا عَلِمَ بها (٣٩)؛ لأنَّها على الفَوْرِ.

فصل: ولا يَبْطُلُ الإِذْنُ بالإِبَاقِ. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَبْطُلُ؛ لأنَّه يُزِيلُ به (٤٠) ولَايَةَ السَّيِّدِ عنه في التِّجَارةِ، بدَلِيلِ أنَّه لا يجوزُ بَيْعُه ولا هِبَتُه ولا رَهْنُه، فأشْبَهَ ما لو باعَهُ. ولَنا، أنَّ الإِبَاقَ لا يَمْنَعُ ابْتِداءَ الإِذْنِ له (٤٠) في التِّجَارةِ، فلم يَمْنَعِ اسْتِدَامَتَهُ، كما لو غَصَبَهُ غاصِبٌ أو (٤١) حُبِسَ بِدَيْنٍ عليه أو على غيرِه. وما ذَكَرُوهُ غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ سَبَبَ الوِلَايَةِ باقٍ وهو الرِّقُّ، ويجوزُ بَيْعُه وإجَارَتُه ممَّن يَقْدِرُ عليه، ويَبْطُلُ بالمَغْصُوبِ.


(٣٦) في م: "وكبيع".
(٣٧) سقط من: م.
(٣٨) في م: "وبهذا".
(٣٩) سقط من: أ، ب، م.
(٤٠) سقط من: الأصل.
(٤١) في ب زيادة: "إن".

<<  <  ج: ص:  >  >>