للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُهم: إنَّ الدَّمَ [يجوزُ أن] (٨) يكونَ دَمَ فسادٍ. قُلْنا: قد حُكِمَ بكَونِه حَيْضًا فى تَرْكِ الصلاةِ، وتَحْرِيمِها على الزَّوجِ، وسائرِ أحْكامِ الحَيْض، فكذلك فى انْقِضاءِ العِدَّةِ. ثم إن كان التَّوقُّفُ عن الحُكْمِ بانْقِضاءِ العِدَّةِ للاحْتمالِ، فإذا تَبَيَّنَ أنَّه حيضٌ، عَلِمْنا أَنَّ العِدَّةَ قد انْقَضتْ حين رأتِ الدَّمَ، كما لو قال لها: إن حِضْتِ فأنتِ طالِقٌ. واخْتَلَفَ (٩) القائلُون بهذا القولِ، فمنهم مَن قال: اليومُ والليلةُ من العِدَّةِ؛ لأنَّه دَمٌ تَكْمُلُ به العِدَّةُ، فكان منها، كالذى فى أثْناءِ الأطْهارِ. ومنهم مَنْ قال: ليس منها، إنَّما يتَبَيَّنُ به انْقِضاؤُها، ولأنَّنا لو جَعَلْناه منها، أوْجَبْنا الزِّيادَة على ثلاثةِ قُرُوءٍ، ولكنَّا نَمْنَعُها من النِّكاحِ حتى يَمْضِىَ يومٌ وليلةٌ، ولو راجَعَها زَوْجُها فيها، لم تَصِحَّ الرَّجْعةُ. وهذا أصَحُّ الوَجْهَينِ.

١٣٤١ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ)

أكثرُ أهلِ العلمِ يقولون: عِدّةُ الأَمَةِ بالقُرْءِ قُرْءَان. منهم؛ عمرُ، وعلىٌّ، وابنُ عمرَ، وسعيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، وعبدُ اللَّه بن عُتْبةَ، والقاسمُ، وسالمٌ، وزيدُ بن أسْلَمَ، والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وعن ابن سِيرِينَ، عِدَّتُها عِدّةُ الحُرّةِ، إلَّا أن تكونَ قد مَضَتْ بذلك سُنَّةٌ. وهو قولُ داودَ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (١). ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قُرْءُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ" (٢). وقد ذَكَرْناه، وقولُ عمرَ وعلىٍّ وابنِ عمرَ، ولم نَعْرِفْ لهم مُخالِفًا فى الصَّحابةِ، فكانْ إجماعًا، وهذا يَخُصُّ عُمومَ الآية. ولأنَّه مَعْنًى ذو عَدَدٍ، بُنِىَ على التَّفاضُلِ، فلا تُساوِى فيه الأَمَةُ الحُرَّةَ، كالحَدِّ. وكان


= والبيهقى، فى: باب ما جاء فى قوله عز وجل: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤١٥.
(٨) سقط من: م.
(٩) سقطت الواو من: أ، ب، م.
(١) سورة البقرة ٢٢٨.
(٢) تقدم تخريجه، فى: ١٠/ ٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>