للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفُها، حتَّى يسْألَ الحاكمُ، ويكْشِفَ عن الموَاضِعِ التى كان يطْرُقُها (٤٣)، ويأمُرَ مُنَادِيًا يُنادِى: إِنَّ فلانًا ماتَ، فإنْ كان له وَارِثٌ، فلَيأتِ. فإذا غَلَبَ على ظَنِّه أنَّه لو كان وَارِثٌ لَظَهَرَ، دَفَعَ إلى الحاضِرِ نَصِيبَه. وهل يطْلُبُ منه ضَمِينًا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وهكذا الحُكْمُ إذا كان الشَّاهِدَان من أهْلِ الخبْرَةِ الباطِنَةِ، ولكن لم يقُولا: ولا نَعْلَمُ له وارِثًا سِوَاهُ. فإنْ كان مع الابنِ ذُو فَرْضٍ، فعلى ظَاهِرِ المذهبِ، يُعْطى فَرْضَه كامِلًا. وعلى هذا التَّخْرِيِج، يُعْطى اليَقِينَ. فإنْ كانتْ له زَوْجَةٌ، أُعْطِيَتْ رُبْعَ الثُّمنِ؛ لجَوازِ أَنْ يَكونَ له أرْبَعُ نِسْوَةٍ، وإِنْ كانتْ له جَدَّةٌ، ولم يَثْبُتْ مَوْتُ أُمِّه، لم تُعْطَ شَيْئًا، وإِنْ ثَبَتَ مَوْتُها، أُعُطِيَتْ ثُلثَ السُّدسِ، لجَوَازِ أَنْ يكونَ له ثَلاثُ جَدَّاتٍ، ولا تُعْطى العَصَبَةُ شَيْئًا. فإنْ كان الوَارِثَ أخًا، لم يُعْطَ شَيْئًا، لجَوَازِ أَنْ يكون للمَيِّتِ وَارِثٌ يَحْجُبُه. وإِنْ كان معه أُمٌّ، اُعْطِيَتِ السُّدسَ عائِلًا، والمَرْأَةُ رُبْعَ الثُّمنِ عائِلًا، والزَّوْجُ الرُّبعَ عائِلًا؛ لأنَّه اليَقِينُ، فإِنَّ المَسْألةَ قد تَعُولُ مع وُجُودِ الزَّوْجِ، مثل أَنْ يُخَلِّفَ أبوَيْن وابْنَيْن وزَوْجًا، فإذا كشفَ الحاكمُ أعطَى الزَّوجَ نَصِيبَه، وكَمَّلَ لذَوِى الفُرُوضِ فُرُوضَهم.

فصل: وإذا اخْتُلِفَ فى دَارٍ، فى يَدِ أحَدِهما، فأقامَ المدَّعِى بَيِّنَةً، أَنَّ هذه الدَّارَ كانتْ أمسِ مِلْكَه، أو منذُ شَهْرٍ، فهل تُسْمَعُ هذه البَيِّنَةُ، ويُقْضَى بها؟ على وَجْهَيْن؛ أحدهما، تُسْمَعُ، ويُحْكَمُ بها؛ لأنَّها تُثْبِتُ المِلْكَ فى الماضِى، وإذا ثَبَتَ اسْتُدِيمَ حتَّى يُعْلَمَ زَوَالُه. والثَّانى، لا تُسْمَعُ. قال القاضِى: هو الصَّحِيحُ؛ لأنَّ الدَّعْوَى لا تُسْمَعُ ما لم يَدَّعِ المُدَّعِى المِلْكَ فى الحَالِ، فلا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ على ما لم يَدَّعِهِ، لكن إن انْضَمَّ إلى شَهادَتِهِما بَيانُ سَبَبِ يَدِ الثَّانِى، وتَعْرِيفُ تَعدِّيها، فقالا: نَشْهدُ أَنَّها كانتْ مِلْكَه أمسِ، فغَصَبَها (٤٤) هذا منه، أو سَرَقَها، أو ضَلَّتْ منه فالْتَقَطَها هذا. ونحوَ ذلك، سُمِعَتْ، وقُضِىَ بها؛ لأنَّها إذا لم تُبَيَّنِ السَّبَبَ، فاليَدُ دَلِيلُ المِلْكِ، ولا تَنافِىَ بينَ ما شَهِدتْ به البَيِّنَةُ، وبيْنَ دَلالَةِ اليَدِ، لجَوَازِ أَنْ تكونَ مِلْكَه أمسِ، ثمَّ تَنْتَقِلُ إلى صاحِبِ اليَدِ. فإذا ثَبَتَ أَنَّ سَبَبَ اليَدِ عُدْوانٌ، خَرَجَتْ عن كوْنِها دَلِيلًا، فوَجَبَ القضاءُ باسْتدامةِ المِلْكِ


(٤٣) فى الأصل، ب، م: "يطوفها".
(٤٤) فى ب، م: "فقضها".

<<  <  ج: ص:  >  >>