للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِنْسٌ من النَّصَارَى. ونَصَّ عليه الشافعىُّ، وعَلَّقَ القولَ فيهم فى موضعٍ آخرَ. وعن أحَمدَ أَنَّه قال: بَلَغَنِى أنَّهم يَسْبِتُونَ. فهؤلاء إذًا يُشْبِهُونَ اليهودَ. والصحيحُ فيهم أنَّهم إن (١٧) كانوا يُوَافِقُون النصارَى أو اليهودَ فى أصلِ دِينِهم، ويُخالِفُونَهم فى فُرُوعِه، فهم ممَّن وافَقُوه، وإن خالَفُوهُم فى أصلِ الدِّينِ، فليس هم منهم. واللَّه أعلم. وأمَّا مَنْ سِوَى هؤلاء من الكُفَّارِ، مثل المُتَمَسِّكِ بصُحُفِ إبراهيمَ وشِيثَ وزَبُورِ داودَ، فَليْسُوا بأهلِ كَتابٍ، ولا تَحِلُّ مُناكَحَتُهم ولا ذبائِحُهم. وهذا قولُ الشافعىِّ. وذكر القاضى فيهمِ وَجْهًا آخرَ، أنَّهم من أهلِ الكتابِ، وتَحِلُّ ذَبائِحُهم، ونِكاحُ نِسائِهم، ويُقَرُّون بالجِزْيَةِ؛ لأنَّهم تَمَسَّكُوا بكِتابٍ من كُتُبِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ، فأشْبَهُوا اليهودَ والنَّصارَى. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} (١٨). ولأنَّ تلك الكتُبَ كانت مَواعِظَ وأمثْالًا، لا أحْكامَ فيها، فلم يَثْبُتْ لها حُكْمُ الكُتُبِ المُشْتَمِلةِ على الأحْكامَ.

فصل: وليس للمَجُوسِ كِتابٌ، ولا تَحِلُّ ذَبائِحُهم، ولا نِكاحُ نِسائِهِم. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ عامَّةِ العُلَماءِ، إلَّا أبا ثَوْرٍ، فإنَّه أباح ذلك؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهْلِ الْكِتَابِ" (١٩). ولأنَّه يُرْوَى أَنَّ حُذَيفْةَ تزوّجَ مَجُوسِيّةً. ولأنَّهم يُقَرُّونَ بالجِزْيةِ، فأشْبَهُوا اليهودَ والنصارَى. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} (٢٠). وقوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} (٢١). فرَخَّصَ من ذلك فى (٢٢) أهلِ الكِتابِ، فمَنْ عَدَاهُم يَبْقَى على العُمُومِ، ولم يَثْبُتْ أنَّ للمَجُوس


(١٧) سقط من: ب، م.
(١٨) سورة الأنعام ١٥٦.
(١٩) أخرجه مالك، فى: باب جزية أهل الكتاب والمجوس، من كتاب الزكاة. الموطأ ١/ ٢٧٨.
(٢٠) سورة البقرة ٢٢١.
(٢١) سورة الممتحنة ١٠.
(٢٢) سقط من: الأصل، أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>