للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسنُ، ومالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى، ولا أعلمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّ حَقَّ سَيِّدِه لم يَنْقَطِع عنه؛ لأَنَّه قد يَعْجِزُ، فيَعُودُ إليه، ولأنَّ القَصْدَ من الكِتابةِ تَحْصِيلُ العِتْقِ بالأداءِ، وهِبةُ مالِه تُفَوِّتُ ذلك. وإن أذِنَ فيه سَيِّدُه، جاز. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ؛ لأَنَّه يُفَوِّتُ المَقْصُودَ بالكتابةِ. وعن الشافعىِّ فيه (٣١) كالمَذْهبَيْنِ. ولَنا، أَنَّ الحقَّ لا يخْرُجُ عنهما، فجاز باتِّفاقِهِما، كالرَّاهِنِ والمُرْتَهِنِ. فأمَّا الهِبَةُ بالثَّوابِ، فلا تَصِحُّ. وقال الشافعىُّ، فى أحدِ قَوْلَيْه: تَصِحُّ؛ لأنَّ فيها مُعَاوَضةً. ولَنا، أَنَّ الاخْتِلافَ فى تَقْديرِ الثَّوابِ، يُوجِبُ الغَرَرَ فيها، ولأنَّ عِوَضَها يتأَخَّرُ، فتكونُ كالبيْعِ نَسِيئةً. وإن أذِنَ فيها السَّيِّدُ، جازت. وإن وَهَبَ لسَيِّدِه، جاز؛ لأنَّ قَبُولَه الهِبةَ إذْنٌ فيها. وكذلك إن وَهَبَ لابنِ سَيِّدِه الصَّغِيرِ.

فصل: ولا يُحَابِى فى البَيْعِ، ولا يَزِيدُ فى الثَّمنِ الذى اشْتَرَى به، ولا يُعِيرُ دابَّةً (٣٢)، ولا يُهْدِى هَدِيّةً. وأجاز ذلك أصحابُ الرَّأْى. ويَحْتَملُ جَوازَ إعارَةِ دابَّتِه، وهَدِيّةِ المَأْكُولِ، دعائِه إليه؛ لأنَّ ذلك يجوزُ للمَأْذُونِ له، ولا يَنْحَطُّ المُكاتَبُ عن دَرَجتِه. ووَجْهُ الأوّلِ، أنَّه تَبَرُّعٌ بمالِه، فلم يَجُزْ، كالهِبَةِ، ولا يُوصِى بمالِه، ولا يَحُطُّ عن المُشْتَرِى شيئًا، ولا يُقْرِضُ، ولا يَضْمَنُ، ولا يتَكَفَّلُ بأحدٍ. وبه قال الشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّ ذلك تبَرُّعٌ بمالِه (٣٣)، فمُنِعَ منه، كالهِبَةِ.

فصل: وليس له أَنْ يَحُجَّ إن احْتاجَ إلى إنْفاقِ مالِه فيه. ونَقَلَ المَيْمُونِىُّ، عن أحمدَ، للمُكاتَبِ أَنْ يَحُجَّ من المالِ الذى جَمَعَه، إذا لم يَأْتِ نَجْمُه. وهذا مَحْمُولٌ على أنَّه يَحُجُّ بإذْنِ سَيِّدِه، أمَّا بغيرِ إذْنِه، فلا يجوزُ؛ لأَنَّه تَبَرُّعٌ بما يُنْفِقُ مالَهُ (٣٤) فيه.، فلم يَجُزْ، كالعِتْقِ. فأمَّا إِنْ أمْكَنَه الحجُّ من غيرِ إنْفاقِ مالِه، كالذى يتَبَرّعُ (٣٥) له (٣٦) إنْسانٌ


(٣١) سقط من: الأصل، أ.
(٣٢) فى الأصل، أ: "دابته".
(٣٣) سقط من: ب.
(٣٤) فى أ، م: "مالا".
(٣٥) فى م: "تبرع".
(٣٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>