للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّهِ أَفْعَلُ. بغَيْرِ حَرْفٍ، فالمحذوفُ ههُنا "لا"، وتكونُ يَمِينُه على النَّفْى؛ لأَنَّ مَوْضُوعَه فى العَرَبِيَّة كذلك، قال اللَّه تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أى لا تَفْتَؤُ. وقال الشاعر:

* تاللَّهِ يَبْقَى عَلَى الأَيَّامِ ذُو حيدٍ *

وقال آخر:

* فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قاعِدًا *

أى: لا أبْرَحُ.

فصل: فإنْ قال: لاهَا اللَّهِ. ونوَى الْيَمِينَ. فهى (٤٨) يمينٌ؛ لما رُوِىَ أَنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال فى سَلَبِ قتيل (٤٩) أبى قَتادَةَ: لَاها اللَّهِ، إذا تَعْمَدُ إلى أَسَدٍ من أُسْدِ اللَّه، يُقاتِلُ عن اللَّهِ وعن (٥٠) رسولِه، فيُعْطيك سَلَبه! فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَدَقَ" (٥١). وإِنْ لم ينْوِ الْيَمِينَ، فالظَّاهِرُ أنَّه لا يكونُ يَمِينًا؛ لأنَّه لم يقتَرِنْ به عُرْفٌ ولا نِيَّةٌ، ولا فى جَوابِه حَرْف يدُلُّ على القَسَمِ. وهذا مذهَبُ الشافِعِىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه.

١٧٨٤ - مسألة؛ قال: (أَوْ بآيَةِ مِنَ الْقُرْآنِ)

وجُمْلته أَنَّ الحَلِفَ بالقُرْآنِ، أو بآيةٍ منه، أو بكلامِ اللَّهِ، يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ، تَجِبُ الكَفَّارَةُ بالحِنْثِ فيها. وبهذا قال ابنُ مَسْعُودٍ، والحسنُ، وقَتادَةُ، ومالِكٌ، والشافِعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وعامَّةُ أهلِ العِلْمِ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: ليس بيَمِينٍ، ولا تَجبُ به كَفَّارَةٌ، فمنهم مَن زَعَمَ أنَّه مَخْلوقٌ، ومنهم مَنْ قال: لا يُعْهَدُ اليَمِينُ به. ولَنا، أَنَّ القُرآَنَ كلامُ اللَّهِ، وصِفَةٌ من صِفاتِ ذاتِه، فتَنْعَقِدُ اليَمينُ بِه، كما لو قال: وجَلالِ اللَّهِ، وعَظَمَتِه. وقولُهم: هو مخلوقٌ. قُلْنا: هذا كلامُ المعتَزِلَةِ، وإنَّما الخِلافُ مع


(٤٨) فى م: "فهو".
(٤٩) لم يرد فى: الأصل.
(٥٠) سقطت "عن" من: ب، م.
(٥١) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>