للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَوَّلُ من الطَّرِيقِ، لأنَّه حَصَلَ قَطْعُ هذه المَسَافَةِ بمالِ المَنُوبِ عنه، فلم يكنْ عليه الإِنْفَاقُ دَفْعَةً أُخْرَى، كما لو خَرَجَ بِنَفْسِه فماتَ فى بَعْضِ الطَّرِيقِ، فإنَّه يُحَجُّ عنه من حيثُ انْتَهَى. وما فَضَلَ معه من المالِ رَدَّه، إلَّا أن يُؤْذَنَ له فى أخْذِهِ، ويُنْفِقُ على نَفْسِه بِقَدْرِ الحاجَةِ من غيرِ إسْرَافٍ ولا تَقْتِيرٍ، وليس له التَّبَرُّعُ بشىءٍ منه، إلَّا أن يُؤْذَنَ له فى ذلك. قال أحمدُ، فى الذى يَأْخُذُ دَرَاهِمَ لِلحَجِّ: لا يَمْشِى، ولا يُقَتِّرُ فى النَّفَقَةِ، ولا يُسْرِفُ. وقال فى رَجُلٍ أخَذَ حَجَّةً عن مَيِّتٍ، فَفَضَلَتْ معه فَضْلَةٌ: يَرُدُّها، ولا يُنَاهِدُ (١٥) أحَدًا إلَّا بِقَدْرِ ما لا يكون سَرَفًا، ولا يَدْعُو إلى طَعامِهِ، ولا يَتَفَضَّلُ. ثم قال: أمَّا إذا أُعْطِىَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أو كذا وكذا، فقِيلَ له: حُجَّ بهذه. فَلَهُ أن يَتَوَسَّعَ فيها، وإن فَضَلَ شْىءٌ فهو له. وإذا قال المَيِّتُ: حُجُّوا عَنِّى حَجَّةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ (١٦). فَدَفَعُوهَا إلى رَجُلٍ، فله أن يَتَوَسَّعَ فيها، وما فَضَلَ فهو له. وإن قُلْنا: يجوزُ الاسْتِئْجَارُ على الحَجِّ. جازَ أن يَقَعَ الدَّفْعُ إلى النائِبِ مِن غيرِ اسْتِئْجَارٍ، فيكونُ الحُكْمُ فيه على ما مَضَى. وإنْ اسْتَأْجَرَه لِيَحُجَّ عنه أو عن مَيِّتٍ، اعْتَبَرَ فيه شُرُوطَ الإِجارَةِ؛ من مَعْرِفَةِ الأُجْرَةِ، وعَقْدِ الإِجارَةِ، وما يَأْخُذُه أُجْرَةً له يَمْلِكُه، ويُبَاحُ له التَّصَرُّفُ فيه، والتَّوَسُّعُ به (١٧) فى النَّفَقَةِ وغيرِها، وما فَضَلَ فهو له، وإن أُحْصِرَ، أو ضَلَّ الطَّرِيقَ، أو ضَاعَتِ النَّفَقَةُ منه، فهو فى ضَمَانِه، والحَجُّ عليه، وإن ماتَ، انْفَسَخَتِ الإِجَارَةُ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه تَلِفَ، فَانْفَسَخَ العَقْدُ، كما لو ماتَتِ البَهِيمَةُ المُسْتَأْجَرَةُ، ويكونُ الحَجُّ أيضًا من مَوْضِعٍ بَلَغَ إليه النَّائِبُ، وما لَزِمَهُ من الدِّمَاءِ فعليه؛ لأنَّ الحَجَّ عليه.

فصل: فأمَّا النَّائِبُ غيرُ المُسْتَأْجَرِ، فما لَزِمَهُ من الدِّماءِ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ، فعليه فى مَالِهِ؛ لأنَّه لم يُؤْذَنْ له فى الجِنَايَةِ، فكان مُوجِبَها عليه، كما لو لم يكنْ نائِبًا، ودَمُ


(١٥) تناهد الرفقة فى السفر: أخرجوا من النفقة بالسوية.
(١٦) تكملة من: م.
(١٧) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>