للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقياتِ، ويجعلُها لها فى الوقتِ الذى كان للواهِبَةِ؛ لأنَّ الموهُوبةَ قامت مَقامَ الواهبةِ فى لَيْلتِها، فلم يجُزْ تغْييرُها عن مَوْضعِها، كما لو كانت باقيةً للواهبةِ، ولأنَّ فى ذلك [تأخيرًا لِحَقِّ] (١٦) غيرِها، وتغييرًا لليلتِها بغيرِ رِضَاها، فلم يجُزْ. وكذلك الحُكْمُ إذا وهَبتْها للزَّوجِ، فآثرَ بها امرأةً منهُنَّ بعَيْنِها. وفيه وَجْهٌ آخرُ، أنَّه يجوزُ الموالاةُ بين الليلتيْنِ؛ لعدَمِ الفائدةِ فى التَّفريقِ. والأوَّلُ أصحُّ، وقد ذكَرْنا فيه فائدةً، فلا يجوزُ اطِّرَاحُها. ومتى رجَعتِ الواهبةُ فى لَيْلتِها، فلها ذلك فى المُسْتَقْبَلِ؛ لأنَّها هِبَةٌ لم تُقْبَضْ، وليس لها الرُّجوعُ فيما مَضى؛ لأنَّه بمنزلةِ المَقْبوضِ. ولو رجَعتْ فى بعضِ اللَّيلِ، كان على الزَّوجِ أن ينتقلَ إليها، فإنْ لم يعْلَمْ حتى أتمَّ اللَّيلةَ، لم يَقْضِ (١٧) لها شيئًا؛ لأنَّ التَّفْريطَ منها.

فصل: فإن بذَلتْ ليلتَها بمالٍ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ حقَّها فى كونِ الزَّوجِ عندَها، وليس ذلك بمالٍ، فلا يجُوزُ مُقابلتُه بمالٍ، فإذا أخذتْ عليه مالًا، لزمَها ردُّه، وعليه أن يقضِىَ لها؛ لأنَّها تركتْه بشَرْطِ العِوَضِ، ولم يَسْلَمْ لها، وإن كان عِوَضُها غيرَ المالِ، مثلَ إرْضاءِ زَوْجِها، أو غيرِه عنها، جازَ؛ فإنَّ عائشةَ أرْضَتْ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صَفِيَّةَ، وأخَذتْ يومَها، وأخبرتْ بذلك رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يُنْكِرْهُ.

١٢٢٧ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا سَافَرَتْ زَوْجَتُهُ بِإِذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَا قَسْمَ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أَشْخصَهَا، فَهِىَ عَلَى حَقِّهَا مِنْ ذَلِك)

وجملةُ الأمرِ أنَّها إذا سافرتْ فى حاجتِها، بإذْنِ زَوْجِها، لتجارةٍ لها، أو زيارةٍ، أو حَجِّ تطَوُّعٍ، أو عُمْرَةٍ (١)، لم يَبْقَ لها حَقٌّ فى نَفَقةٍ ولا قَسْمٍ. هكذا ذكر الخِرَقِىُّ،


(١٦) فى أ، ب، م: "تأخير حق".
(١٧) فى أ، ب، م: "يقبض".
(١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>