للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلامًا بين أبِيه وأُمِّه. روَاه سعيدٌ (٦)، ورُوِىَ عن (٧). عُمارةَ الجَرْمِىِّ، أنَّه قال: خَيَّرنِى علىٌّ بين عَمِّى وأُمِّى، وكنتُ ابنَ سَبْعٍ أو ثمانٍ (٨). ورُوِىَ نحوُ ذلك عن أبي هُرَيرْةَ. وهذه قِصَصٌ في مَظِنَّةِ الشُّهْرةِ، ولم تُنْكَرْ، فكانت إجماعًا، ولأنَّ التَّقْديمَ في الحَضانةِ لِحَقِّ (٩) الوَلدِ، فيُقَدَّمُ (١٠) مَنْ هو أشْفَقُ؛ لأنَّ حَظَّ الوَلَدِ عندَه أكثرُ، واعْتَبرْنا الشَّفقةَ بمَظِنَّتِها إذا لم يُمْكِنِ اعْتِبارُها بنَفْسِها، فإذا بَلَغ الغلامُ حَدًّا يُعْرِبُ عن نَفْسِه، ويُمَيِّزُ بينَ الإِكْرامِ وضِدِّه، فمالَ إلى أحدِ الأبَوَيْنِ، دَلَّ على أنَّه أرْفَقُ به، وأشْفَقُ عليه، فقُدِّمَ بذلك. وقَيَّدْناه بالسَّبْعِ؛ لأنَّها أوَّل حالٍ أمَرَ الشرعُ فيها بمُخَاطَبَتِه بالأمْرِ بالصَّلاةِ، ولأنَّ الأُمَّ قُدِّمَتْ في حالِ الصِّغَرِ، لحاجَتِه إلى حَمْلِه، ومُباشَرةِ خِدْمَتِه، لأنَّها أعْرَفُ بذلك، وأقْوَمُ به، فإذا اسْتَغْنَى عن ذلك، تَساوَى والِدَاه، لقُرْبهِما منه، فرَجَّحَ باخْتِيارِه.

فصل: ومتى اخْتارَ أحَدَهما فسُلِّمَ إليه، ثم اختارَ الآخرَ، رُدَّ إليه، فإن عادَ فاختارَ الأوَّلَ، أُعِيدَ إليه، هكذا أبدًا كلَّما اخْتارَ أحَدَهُما صارَ إليه؛ لأنَّه اخْتِيارُ شَهْوةٍ، لحَظِّ نَفْسِه، فأُتْبِعَ ما يَشْتَهيه، كما يُتْبَعُ ما يَشْتَهِيهِ في المأْكولِ والمَشْروبِ، وقد يَشْتَهِى المُقامَ عند أحَدِهما في وقتٍ، وعندَ الآخَرِ في وقتٍ، وقد يَشْتَهِى التَّسْوِيَةَ بينهما، وأن لا يَنْقَطِعَ عنهما. وإن خَيَّرناه، فلم يَخْتَرْ واحدًا منهما، أو اختارَهما معًا، قُدِّمَ أحَدُهما بالقُرْعةِ؛ لأنَّه لا مَزِيَّةَ لأحَدِهما على صاحِبِه، ولا يُمْكِنُ اجْتِماعُهما على حَضانَتِه،


(٦) في: باب الغلام بين الأبوين أيهما أحق به، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ١١٠، ١١١.
كما أخرجه البيهقي، في: باب الأبوين إذا افترقا. . ., من كتاب النفقات. السنن الكبرى ٨/ ٤. وابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يطلق امرأته ولها ولد صغر. من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٢٣٦.
(٧) سقط من: أ.
(٨) أخرجه البيهقي، في: باب الأبوين إذا افترقا، من كتاب النفقات. السنن الكبرى ٨/ ٤. والشافعي، انظر: الباب السابع في الحضانة، من كتاب الطلاق. ترتيب المسند ٢/ ٦٣. وسعيد، في: باب الغلام بين الأبوين أيهما أحق به، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ١١١. وابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في الأولياء والأعمام أيهم أحق بالولد، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٢٣٩، ٢٤٠.
(٩) في م: "يلحق به".
(١٠) في ب، م: "فيتقدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>