والمَبِيعِ والقَرْضِ والاسْتِدَانَةِ. وأمَّا الوَدِيعَةُ والعَارِيَّةُ، فلا ضَمَانَ عليهما فيما تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِما، وإن أَتْلَفَاهُ ففى ضَمَانِه وَجْهَانِ.
فصل: ولا يَنْظُرُ فى مَالِ الصَّبِيِّ والمَجْنُونِ، ما دَامَا فى الحَجْرِ، إلَّا الأبُ، أو وَصِيُّهُ بعدَه، أو الحَاكِمُ عندَ عَدَمِهِمَا. وأمَّا السَّفِيهُ، فإنْ كان مَحْجُورًا عليه صَغِيرًا، واسْتُدِيمَ الحَجْرُ عليه لِسَفَهِه، فالوَلِىُّ فيه مَن ذَكَرْنَاهُ. وإن جُدِّدَ الحَجْرُ عليه بعد بُلُوغِهِ، لم يَنْظُرْ فى مَالِه إلَّا الحَاكِمُ؛ لأنَّ الحَجْرَ يَفْتَقِرُ إلى حُكْمِ حَاكِمٍ، وزَوَالَهُ يَفْتَقِرُ إلى ذلك، فكذلك النَّظَرُ فى مَالِه.
وجُمْلَتُه أنَّ المَحْجُورَ عليه، لِفَلَسٍ، أو سَفَهٍ، إذا أقَرَّ بما يُوجِبُ حَدًّا أو قِصَاصًا، كالزِّنَا، والسَّرِقَةِ، والشُّرْبِ، والقَذْفِ، والقَتْلِ العَمْدِ، أو قَطْعِ اليَدِ، وما أشبهها، فإنَّ ذلك مَقْبُولٌ، ويَلْزَمُه حُكْمُ ذلك فى الحال. لا نَعْلَمُ فى هذا خِلَافًا. قال ابن المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ على أنَّ إقْرَارَ المَحْجُورِ عليه على نَفْسِه جَائِزٌ، إذا كان إقْرَارُه بِزِنًا، أو سَرِقَةٍ، أو شُرْبِ خَمْرٍ، أو قَذْفٍ، أو قَتْلٍ، وأنَّ الحُدُودَ تُقَامُ عليه. وهذا قولُ الشَّافِعيِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ، ولا أحْفَظُ عن غيرِهِم خِلَافَهم (١). وذلك لأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ فى حَقِّ نَفْسِه، والحَجْرُ إنَّما تَعَلَّقَ بمَالِه، فَقُبلَ إقْرَارُهُ على نَفْسِه بما لا يَتَعَلَّقُ بالمَالِ. وإن طَلَّقَ زَوْجَتَه، نَفَذَ طَلَاقُه، فى قولِ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ. وقال ابنُ أبي لَيْلَى: لا يَقَعُ طَلَاقُه؛ لأنَّ البُضْعَ يَجْرِى مَجْرَى المالِ بِدَلِيلِ أنَّه يَمْلِكُه بمَالٍ، ويَصِحُّ أن يَزُولَ مِلْكُه عنه بمَالٍ، فلم يَمْلِك التَّصَرُّفَ فيه كالمَالِ. ولَنا، أنَّ الطَّلَاقَ ليس بِتَصَرُّفٍ فى المَالِ،