للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَشْمَلُه. وإنْ نَوَى شيْئًا مِنْ ذلك لم يُبَحْ له التَّنَفُّلُ بالصَّلَاةِ؛ لأنَّه أدْنَى، فلا يَسْتَبِيحُ الأَعْلَى بِنِيَّتِهِ، كالفَرْضِ مع النَّفْلِ. وإنْ تَيَمَّمَ للطَّوَافِ أُبِيحَ له قِراءةُ القُرْآنِ، واللُّبْثُ في المَسْجِدِ؛ لأنَّه أعْلَى منهما، فإنَّه صَلَاةٌ، ويُشْتَرَطُ له الطَّهارتانِ، وله نَفْلٌ وفَرْضٌ، ويَدْخُلُ في ضِمْنِه اللُّبْثُ في المَسْجِدِ؛ لأنَّه لا يكونُ إلَّا في المَسْجِدِ. وإنْ نَوَى أحَدَهُما لم يستَبِح الطَّوافَ؛ لأنَّه أعْلَى مِنْهُما. وإنْ نَوَى فَرْضَ الطَّوَافِ، اسْتَبَاحَ نَفْلَه. وإن نَوَى نَفْلَه، لم يَسْتَبِحْ فَرْضَهُ كالصلاةِ. وإنْ نَوَى بِتَيَمُّمِه قِرَاءةَ القُرآنِ لِكَوْنِه جُنُبًا، أو اللبْثَ (٥) في المَسْجِدِ، أو مَسَّ المُصْحَفِ، لم يَسْتَبِحْ غيرَ ما نَوَاهُ؛ لِقَوْلهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإنَّمَا لكُلِّ امْرِىءٍ مَا نَوَى". ولِأنَّه لم يَنْوِ ذلك، ولا ما هو أَعْلَى منه، فلم يَسْتَبِحْه، كما لا يَسْتَبِيحُ الفَرْضَ إذا لم يَنْوِهِ.

فصل: وإنْ تَيَمَّمَ الصَّبِىُّ لإِحْدَى الصَّلَواتِ الخَمْسِ، ثُم بَلَغ، لم يَسْتَبِحْ بِتَيَمُّمِهِ فَرْضًا؛ لأنَّ ما نَوَاهُ كان نَفْلًا، ويُبَاحُ أن يَتَنَفَّلَ به، كما لو نَوَى به البالِغُ النَّفْلَ. فأمَّا إنْ تَوَضَّأَ قبلَ البُلُوغِ، ثم بَلَغَ، فله أنْ يُصَلِّىَ به (٦) فَرْضًا ونَفْلًا؛ لأنَّ الوُضُوءَ للنَّفْلِ يُبِيحُ فِعْلَ الفَرْضِ.

٧٠ - مسألة؛ قال: (فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وكَفَّيْهِ)

لا خِلافَ في وُجُوبِ مَسْحِ الوَجْهِ والْكَفَّيْنِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}. ويَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِهَا (١)، واسْتِيعَابُ ما يَأْتِى عليه الماءُ منها (١)، لا يَسْقُطُ مِنها إلَّا المَضْمَضةُ والاسْتِنْشَاقُ، وما تحتَ الشُّعُورِ الخَفِيفَةِ، وبهذا قال الشَّافِعِيُّ. وقال سليمان بنُ داود (٢): يُجْزِئُه إنْ لم يصِبْ إلَّا بعضَ وَجْهِه


(٥) في الأصل: "أو نوى اللبث".
(٦) سقط من: م.
(١) في م: "جميعهما"، "منهما".
(٢) يعني الإمام أبا داود الطيالسي الحافظ، كان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث، توفى سنة أربع ومائتين. سير أعلام النبلاء ٩/ ٣٧٨ - ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>