للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخَذَهُ من تلك الحالِ. ويَحْتَمِلُ أن تكونَ زَكَاتُه على الغَاصِبِ؛ لأنَّه كان مِلْكًا له حِينَ وُجُوبِ عُشْرِه، وهو حين اشْتِدَادِ حَبِّهِ. وإنْ زَارَعَ رَجُلًا مُزَارَعَةً فَاسِدَةً، فالعُشْرُ على مَن يَجِبُ الزَّرْعُ له. وإن كانتْ صَحِيحَةً، فعلَى كُلِّ وَاحِدٍ منهما عُشْرُ حِصَّتِه. وإن بَلَغَتْ خَمْسَةَ أوْسُقٍ، أو كان له من الزَّرْعِ ما يَبْلُغُ بِضَمِّه إليها خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وإلَّا فلا عُشْرَ عليه. وإن بَلَغَتْ حِصَّةُ أحَدِهما دُونَ صَاحِبه النِّصَابَ (١٦)، فعلَى مَن بَلَغَتْ حِصَّتُه النِّصَابَ عُشْرُها، ولاشىءَ على الآخَرِ؛ لأنَّ الخُلْطَةَ لا تُؤَثِّرُ في غير السَّائِمَةِ، في الصَّحِيحِ. ونُقِلَ عن أحمدَ أنَّها تُؤَثِّرُ، فيَلْزَمُهما العُشْرُ إذا بَلَغَ الزَّرْعُ جَمِيعُه خَمْسَةَ أوْسُقٍ، ويُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ منهما عُشْرَ نَصِيبِه، إلَّا أن يكونَ أحَدُهما مِمَّنْ لا عُشْرَ عليه، كالمُكاتَبِ والذِّمِّيِّ؛ فلا يلْزَمُ شَرِيكَهُ عُشْرٌ (١٧) إلَّا أن تَبْلُغَ حِصَّتُه نِصَابًا، وكذلك الحُكْمُ في المساقَاةِ.

فصل: ويُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ أرْضِه من ذِمِّيٍّ وإجارَتُها منه؛ لإِفْضَائِه إلى إسْقاطِ عُشْرِ الخَارِجِ منها. قال محمدُ بن موسى: سألتُ أبا عبدِ اللهِ، عن المُسْلِمِ يُؤَاجِرُ (١٨) أرْضَ الخَرَاجِ من الذِّمِّيِّ؟ قال: لا يُؤاجِرُ (١٨) من الذِّمِّيِّ، إنَّما عليه الجِزْيَةُ، وهذا ضَرَرٌ. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: لأنَّهم لا يُؤَدُّونَ الزكاةَ. فإن آجَرَها منه ذِمِّيٌّ، أو باعَ أرْضَه التى لا خَرَاجَ عليها ذِمِّيًّا، صَحَّ البَيْعُ والإِجارَةُ. وهذا مذهبُ الثَّوْرِيِّ، والشَّافِعِيِّ، وشَرِيكٍ، وأبي عُبَيْدٍ، وليس عليهم فيها عُشْرٌ ولا خَرَاجٌ. قال حَرْبٌ: سألتُ أحمدَ عن الذِّمِّيِّ يَشْتَرِى أرْضَ العُشْرِ؟ قال: لا أعْلَمُ عليه شَيْئًا، إنَّما الصَّدَقَةُ كَهَيْئَةِ مَالِ الرَّجُلِ، وهذا المُشْتَرِى (١٩) ليس عليه. وأَهْلُ المَدِينَةِ يَقُولُونَ في هذا قَوْلًا حَسَنًا، يَقُولُونَ: لا نَتْرُكُ الذِّمِّيَّ يَشْتَرِى أرْضَ العُشْرِ.


(١٦) لم يرد في: الأصل.
(١٧) في م: "عشرا".
(١٨) في أ، ب، م: "يؤجر".
(١٩) في الأصل: "المشرك".

<<  <  ج: ص:  >  >>