للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زالَ قبلَ القِسْمَةِ، فأشْبَهَ ما لو أسْلَمَ، قال أبو الحسَنِ التَّمِيمِىُّ: يُخَرَّجُ على قَوْلِ من وَرَّثَ المسلمَ، أنْ يُوَرَّثَ العَبْدُ إذا أُعْتِقَ. وليسَ بصحيحٍ؛ فإنَّ الإسلامَ قُرْبَةٌ وهو أعْظَمُ الطَّاعاتِ، والقُرَبُ وردَ الشَّرْعُ بالتَّأليفِ عليها، فوردَ الشَّرْعُ بتَوْريثِه، تَرْغيبًا له فى الإِسلامِ، وحَثًّا عليه، والعِتْقُ لا صُنْعَ له فيه، ولا يُحْمَدُ عليه، فلم يَصِحَّ قِياسُه عليه، ولولا ما وَرَدَ مِنَ الأثَرِ مِنْ تَوْرِيثِ مَنْ أسْلَمَ، لَكانَ النَّظَرُ يَقْتَضِى أن لا يَرِثَ مَنْ لم يكُنْ مِنْ أهْلِ الميراث حينَ الموْتِ؛ لأنَّ المِلْكَ يَنْتَقِلُ به إلى الوَرَثَةِ، فيَسْتَحِقُّونَه، فلا يَبْقَى لمنْ حَدَثَ شىءٌ، لكنْ خالَفْناه فى الإِسلامِ للأثَرِ، وليس فى العِتْقِ أثرٌ يَجِبُ التَّسْليمُ له، ولا هو فى معنَى ما فيه الأثرُ، فَيَبْقَى على مُوجِبِ القياسِ.

١٠٤٧ - مسألة؛ قال: (وَمَتَى قُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ، فَمالُهُ فَىْءٌ)

اخْتَلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ فى مالِ المرْتَدِّ إذا ماتَ، أو قُتِلَ على رِدَّتِه، فرُوِىَ عنه أنَّه يكونُ فَيْئًا فى بيتِ مالِ المسْلمِين. قال القَاضى: هو صحيحٌ فى المذْهَبِ. وهو قَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ، ورَبِيعةَ، ومالكٍ، وابنِ أبى لَيْلَى، والشَّافِعىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وعن أحمَدَ ما يدلُّ على أنَّه لِوَرَثَتِه منَ المُسْلمين. ورُوِىَ ذلك عن أبى بكرٍ الصِّديقِ، وعلىٍّ، وابنِ مَسْعُودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال ابنُ المُسَيَّبِ، وجابرُ بنُ زيدٍ، والحسنُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وعَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ، والحَكَمُ، والأوْزاعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، وأهلُ العِراقِ، وإسحاقُ. [إلَّا أَنَّ] (١) الثَّوْرِىَّ، وأبَا حنيفةَ، واللُّؤْلُؤىَّ، وإسحاقَ، قالوا: ما اكْتَسَبه فى رِدَّتِه يكونُ فَيْئًا. ولم يُفَرِّق أصْحابُنا بين تِلادِ مالِه وطَارِفِه. ووجْهُ هذا القَوْلِ أنَّه قولُ الخَلِيفتَيْن الرَّاشِدَيْن، فإنَّه يُرْوَى عن زَيْدِ بنِ ثابتٍ، قال: بَعَثنِى أبو بكرٍ عِنْدَ رُجوعِه إلى أهْلِ الرِّدَّةِ أنْ أُقَسِّمَ أموالَهم بينَ وَرَثَتِهم المُسْلِمين. ولأنَّ رِدَّتَه ينْتَقِلُ بها مالُه، فوجَبَ أنْ يَنْتَقِلَ إلى وَرَثَتِه المُسْلمين، كما لوِ انْتَقَلَ بالموْتِ. ورُوِىَ عنْ أحْمدَ، رِوايةٌ ثالِثَةٌ (٢)، أَنَّ مالَه لِأهْلِ دينِه الذى اخْتارَه، إنْ كان


(١) فى م: "لأن".
(٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>