للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّغِيرةِ. ولَنا، قولُه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (٣). والوَطْءُ يُسَمَّى نِكاحًا. قال الشاعرُ:

* إذا زَنَيْتَ فأجِدْ نكاحًا *

فيدْخُلُ (٤) فى عُمُومِ الآيةِ، وفى الآية قَرِينة تَصْرِفُه إلى الوَطْءِ، وهو قولُه سبحانه وتعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا}. وهذا التَّغْلِيظُ إنَّما يكونُ فى الوَطْءِ. ورُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لَا يَنْظُرُ اللَّه إلَى رَجُلٍ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأةٍ وابْنَتِها" (٥). ورَوَى الجُوزَجانِىُّ، بإسْنادِه عن وَهْبِ بن مُنَبِّهٍ، قال: "مَلْعُون مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأةٍ وابْنَتِهَا" (٦). فذَكَرْتُه لسعيدِ بن المُسَيَّبِ فأعْجَبَه. ولأنَّ ما تَعَلَّقَ من التَّحريمِ بالوَطْءِ المُباحِ، تَعَلَّقَ بالمَحْظُورِ، كوَطْءِ الحائِضِ، ولأنَّ النِّكاحَ عَقْدٌ يُفْسِدُه الوَطْءُ بالشُّبْهةِ، فأفْسَدَه الوطءُ الحَرامُ كالإِحْرامِ، وحَدِيثُهم لا نَعْرِفُ صِحّتَه، وإنَّما هو من كلامِ ابنِ أَشْوَعَ (٧) بعض قُضاةِ العِراقِ. كذلك قال الإمامُ أحمدُ. وقيل: إنَّه من قولِ ابنِ عباسٍ. وَوَطْءُ الصغيرةِ مَمْنوعٌ، ثم يَبْطُلُ بوَطْءِ الشُّبْهةِ.

فصل: والوَطْءُ على ثلاثةِ أضْرُبٍ؛ مُباحٌ، وهو الوَطْءُ فى نِكاحٍ صحيحٍ أو مِلْكِ يمين، فيتعلّقُ به تحريمُ المُصاهَرةِ بالإِجْماعِ، ويصيرُ (٨) مَحْرَمًا لمن حُرِّمَتْ عليه؛


(٣) سورة النساء ٢٢.
(٤) فى م: "فحمل".
(٥) أخرجه الدارقطنى موقوفا، فى: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٢٦٩.
(٦) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب الرجل يكون تحته الأمة المملوكة وابنتها فيريد أن يطأ أمها، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ١٦٨.
(٧) فى م: "أسوع". وفى حاشية ب: "قال ابن الأثير فى جامع الأصول: اسمه سعيد بن عمر بن أشوع، بفتح الهمزة وسكون الشين وفتح الواو وبالعين المهملة، الهمدانى الكوفى، قاضى الكوفة. سمع الشعبى، وروى عنه الثورى، ويحيى بن. . . وزكريا بن أبى زائدة. قال يحيى بعد شرح الحديث. يعرفه الناس. مات. . . خالد بن عبد اللَّه".
وتتمة الكلام أنه توفى فى ولاية خالد بن عبد اللَّه، وأرخه ابن قانع سنة عشرين ومائة. انظر: تهذيب التهذيب ٤/ ٦٧.
(٨) فى م: "ويعتبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>