للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرَ يَومًا، فأقْصَرُ ما يكونُ الشَّهْرُ سِتَّةَ عشرَ يومًا، وأكثرهُ لا حَدَّ له (١٦)؛ لِكَوْنِ أكْثَرِ الطُّهْرِ لا حَدَّ له، والغَالِبُ أنَّه الشَّهْرُ المعروفُ بينَ النَّاسِ، فإذا عَرَفَتْ أنَّ شَهْرَها ثلاثون يومًا، وأنَّ حَيْضَها منه خمسةُ أيَّامٍ، وطُهْرَها خمسةٌ وعشرون، وعَرَفَتْ أوَّلَه، فهى مُعْتَادَةٌ، وإنْ عَرَفَتْ أيَّامَ حَيْضِها، وأيَّامَ طُهْرِها، فقد عَرَفَتْ شهرَها، وإنْ عَرَفَتْ أيَّامَ حَيْضِها ولم تَعْرِف أيَّامَ طُهْرِها، أو أيَّامَ طُهْرِها ولم تَعْرِفْ أيَّامَ حَيْضِها، فليستْ مُعْتَادَةً، لكنَّها متى جَهِلَتْ شهرَها، رَدَدْنَاها إلى الغالِبِ، فحيَّضْناها مِنْ كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً، كما رَدَدْنَاها في عَدَدِ أيَّامٍ الحَيْضِ إلى سِتٍّ أو إلى سَبْعٍ، لِكَوْنِهِ الغَالِبَ.

فصل: القِسْمُ الثَّالِث مِن أقسامِ المُسْتَحَاضَةِ: مَنْ لها عادَةٌ وتَمْيِيزٌ، وهى مَنْ كانتْ لها عَادَةٌ فاسْتُحِيضَتْ، ودَمُها مُتَمَيِّزٌ، بعضُه أسودُ وبعضُه أحمرُ، فإنْ كان الأسودُ في زَمَنِ العادَةِ فقد اتفَقَتِ العادَةُ والتَّمْيِيزُ في الدَّلالةِ، فيُعْمَلُ بهما. وإنْ كان أكْثَرَ مِن العادَةِ أو أقَلَّ ويصْلُحُ أنْ يكونَ حَيْضًا، ففيه رِوايتَان: إحْدَاهُما، يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ، فيُعْمَلُ به، وتدَعُ العادَةَ، وهو ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ؛ لِقَولِه: "فَكَانَتْ مِمَّنْ تُمَيِّزُ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ في إقْبَالِهِ". ولم يُفَرِّقْ بينَ مُعْتَادَةٍ وغيرِها. واشْتَرَطَ في رَدِّها إلى العادَةِ أنْ لا يكونَ دَمُها مُنْفَصِلًا (١٧)، وهو ظاهِرُ مذهبِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ صِفَةَ الدَّمِ أمَارَةٌ قَائِمَةٌ به، والعادَةُ زَمَانٌ مُنْقَضٍ، ولأنَّه خَارِجٌ يُوجِبُ الغُسْلَ، فرَجَعَ إلى صِفَتِهَ عندَ الاشْتِبَاهِ كالمَنِىِّ. وظَاهِرُ كلامِ أحمدَ اعْتِبَارُ العادَةِ. وهو قَوْلُ أكْثَرِ الأصْحَابِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَدَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، والمَرْأةَ الَّتِى اسْتَفْتَتْ لها أُمُّ سَلَمَة، إلى العادَةِ، ولم يُفَرِّقْ ولم يَسْتَفْصِلْ بينَ كَوْنِها مُمَيِّزَةً أو غيرَها، وحديثُ فاطمةَ قد رُوِىَ فيه رَدُّها إلى العادَةِ، وفى لَفْظٍ آخَرَ رَدُّها إلى التَّمْيِيزِ، فتعارَضَتْ رِوَايتاهُ (١٨)، وبَقِيت الأحادِيثُ الباقِيَةُ خَالِيةً عن مُعَارِض، فيَجِبُ العَمَلُ بها. على أنَّ حديثَ


(١٦) في الأصل: "لها".
(١٧) في م: "متصلا".
(١٨) في م: "روايتان".

<<  <  ج: ص:  >  >>