للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اعْترافِه رَجَمَه، وإن رجعَ عنه، تَرَكَه.

الفصل الثاني: أنَّه يُجْلَدُ، ثم يُرْجَمُ، في إحْدَى الرِّوايتَيْنِ، فَعَلَ ذلك عليٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه. وبه قال ابنُ عباسٍ، وأُبَىُّ بنُ كعبٍ، وأبو ذَرٍّ. ذكرَ ذلك عبدُ العزيزِ عنهما، واخْتارَه. وبه قالَ الحسنُ، وإسحاقُ، وداودُ، وابنُ المُنْذِرِ. والرِّوايَةُ الثَّانِيَةُ، يُرْجَمُ ولا يُجْلَدُ. رُوِىَ عن عمرَ وعثمانَ؛ أَنَّهما رجَما ولم يَجْلِدَا (١٨). ورُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، أنَّه قال: إذَا اجْتَمعَ حَدَّان لِلهِ تعالى، فيهما القَتْلُ، أحاطَ القتلُ بذلك. وبهذا قالَ النَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، والأَوزَاعِىُّ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثور، وأصْحابُ الرَّأْىِ. واخْتار هذا أبو إسحاقَ الجُوزَجَانِىُّ، وأبو بكرٍ الأثْرمُ. ونَصَراه في "سُنَنِهما"؛ لأنَّ جابِرًا رَوَى، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجَمَ ماعِزًا ولم يَجْلِدْه، ورَجَمَ الغَامِدِيَّةَ ولم يَجْلِدْها. وقال: "وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إلى امْرَأَةِ هذَا، فإنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". مُتَّفَقٌ عليه (١٩). ولم يَأْمُرْهُ بجَلْدِها، وكان هذا آخرَ الأمْرَيْنِ من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوجبَ تَقْديمُه. قال الأثْرَمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللَّه، يقول في حديثِ عُبَادَةَ: إنَّه أوَّلُ حَدٍّ نزلَ، وإن حديثَ ماعِزٍ بعدَه، رجمَه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يَجْلِدْهُ، وعمرُ رَجَمَ ولم يَجْلِدْ. ونَقَلَ عنه إسماعيلُ بن سعيدٍ نحوَ هذا. ولأنَّه حَدٌّ، فيه قَتْلٌ، فلم يجتمعْ معه جَلْدٌ، كالرِّدَّةِ، ولأنَّ


(١٨) عزاه الألباني إلى ابن أبي شيبة، ولم نجده في مصنفه. انظر الإِرواء ٧/ ٣٦٨.
(١٩) أخرجه البخاري، في: باب إذا اصطلحوا على صلح جور. . ., من كتاب الصلح، وفى: باب الشروط التي لا تحل في الحدود، من كتاب الشروط، وفى: باب كيف كانت يمين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب الأيمان، وفي: باب الاعتراف بالزنى، من كتاب الحدود، وفى: باب هل يجوز للحاكم أن، يبعث رجلًا وحده. . ., من كتاب الأحكام، وفى: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، من كتاب الآحاد. صحيح البخاري ٣/ ٢٤١، ٢٥٠، ٨/ ١٦١، ٢٠٨، ٩/ ٩٤، ١٠٩، ١١٠. ومسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم ٣/ ١٣٢٤، ١٣٢٥.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرجم على الثيب، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٠٥، ٢٠٦. والنسائي، في: باب صون النساء عن مجلس الحكم، من كتاب آداب القضاة. المجتبى ٨/ ٢١١. وابن ماجه، في: باب حد الزنى، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٥٢. والدارمى، في: باب الاعتراف بالزنى، من كتاب الحدود. سنن الدارمي ٢/ ١٧٧. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ ٢/ ٨٢٢. والإِمام أحمد في: المسند ٤/ ١١٥، ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>