للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العَبْدِ، فكان مُقَدّرًا من قِيمَتِه، كأَرْشِ الجِنَايَةِ. ولَنا، أنَّه ضَمَانُ مالٍ من غيرِ جِنَايَةٍ، فكان الواجِبُ ما نَقَصَ، كالثَّوْبِ، وذطث لأنَّ القَصْدَ بالضَّمَانِ جَبْرُ حَقِّ المالِكِ بإِيجَابِ قَدْرِ المُفَوَّتِ عليه، وقَدْرُ النَّقْصِ هو الجابِرُ، ولأنَّه لو فاتَ الجَمِيعُ لوَجَبَتْ قِيمَتُه، فإذا فاتَ منه شيءٌ وَجَبَ قَدْرُه من القِيمَةِ، كغِيرِ الحَيَوانِ. وأمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بن ثابِتٍ، فلا أَصْلَ له، ولو كان صَحِيحًا لما احْتَجَّ أحمدُ وغيرُه بحَدِيثِ عُمَرَ وتَرَكُوهُ، فإنَّ قولَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أحَقُّ أنَّ يُحْتَجَّ به. وأمَّا قولُ عُمَرَ، فمَحْمُولٌ على أنَّ ذلك كان قَدْرَ نَقصِها، كما رُوِىَ عنه أنَّه قَضَى في العَيْنِ القائِمَةِ بخَمْسِينَ دِينَارًا، ولو كان تَقْدِيرًا، لوَجَبَ في العَيْنِ نِصْفُ القِيمَةِ، كعَيْنِ الآدَمِيِّ. وأمَّا ضَمَانُ الجِنَايَةِ على أَطْرَافِ العَبْدِ، فمَعْدُولٌ به عن القِيَاسِ، لِلإِلْحَاقِ بالجِنَايَةِ على الحُرِّ، والواجبُ ههُنا ضَمَانُ اليَدِ، ولا تَثْبُتُ اليَدُ على الحُرِّ، فوَجَبَ البَقَاءُ فيه على مُوجِبِ الأَصْلِ، وإِلْحاقُه بسَائِرِ الأَمْوالِ المَغْصُوبَةِ. وقولُ أبي حنيفةَ: إنَّ هذا في بَهِيمَةِ الأَنْعامِ والدَّابّةِ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّ هذا القولَ مَبْنِىٌّ على قولِ عُمَرَ، وقَوْلُ عُمَرَ إنَّما هو في الدَّابّةِ، والدَّابّةُ في العُرْفِ ما يُعَدُّ لِلرُّكُوبِ دُونَ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ.

فصل: وإن غَصَبَ عَبْدًا، فَجنَى عليه جِنَايَةً مُقَدَّرَةَ الدِّيَةِ، فعلى قَوْلِنا: ضَمَانُ الغَصْبِ ضَمَانُ الجِنَايَةِ. الواجِبُ أَرْشُ الجِنَايَةِ، كما لو جَنَى عليه من غيرِ غَصْبٍ، فنَقَصَتْهُ الجِنَايَةُ أقَلَّ من ذلك أو أكْثَرَ. وإن قُلْنا: ضَمَانُ الغَصْبِ غيرُ ضَمَانِ الجِنَايَةِ. وهو الصَّحِيحُ، فعليه أكْثَرُ الأَمْرَيْنِ، من أَرْشِ النَّقْصِ أو دِيَةِ ذلك العُضْوِ؛ لأنَّ سَبَبَ (٢٨) ضَمَانِ كل واحدٍ منهما وُجِدَ (٢٩)، فوَجَبَ أكْثَرُهُما، ودَخَلَ الآخَرُ فيه، فإنَّ الجِنَايةَ واليَدَ وُجِدَا جَمِيعًا. فإن غَصَبَ عَبْدًا يُسَاوِى ألْفًا؛ فزَادَتْ قِيمَتُه، فصَارَ يُسَاوِى أَلْفَيْنِ، ثم قَطَعَ يَدَهُ، فنَقَصَ أَلْفًا، لَزِمَهُ أَلْفٌ، ورَدَّ العَبْدَ؛ لأنَّ سَبَبَ (٣٠) زِيَادَة


(٢٨) سقط من: م.
(٢٩) في م: "وجب".
(٣٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>