للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب النُّذورِ

الأصْلُ فى النَّذْرِ الكتابُ، والسُّنَّةُ، والإِجْماعُ. أما الكتابُ فقَولُ اللَّهِ تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} (١). وقال: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} (٢). وأمَّا السُّنَّةُ، فروَتْ عائشةُ. قالتْ: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّه فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِىَ اللَّه فَلَا يَعْصِهِ". وعن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ، عن النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُوَنَهُمْ، ثُمَّ يَجىءُ قَوْمٌ يَنْذرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ". روَاهُما البُخارىُّ (٣). وأجْمَع المسلمون على صِحَّةِ النَّذْرِ فى الجُمْلَةِ، ولُزومِ الوَفاءِ به.

فصل: ولا يُسْتَحَبُّ (٤)؛ لأنَّ ابنَ عمرَ روَى عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه نَهَى عن النَّذْرِ، وأنَّه قالَ: "لَا يَأْتِى بِخَيْرٍ، وَإنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ". مُتَّفقٌ عَليهِ (٥). وهذا نَهْىُ كَراهَةٍ، لا نَهْىُ تَحْريمٍ؛ لأنَّه لو كان حَرَامًا لَما مَدَحَ المُوفِينَ به؛ لأنَّ ذَنْبَهم فى ارْتِكابِ المُحرَّمِ أشدُّ من طاعِتهِم فى وفَائِه؛ ولأنَّ النَّذْرَ لو كان مُسْتَحبًّا، لَفعَله النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأفاضِلُ أصْحَابِهِ.


(١) سورة الإنسان ٧.
(٢) سورة الحج ٢٩.
(٣) تقدم تخرج حديث عائشة، فى: ٤/ ٤٥٦.
وحديث عمران أخرجه البخارى، فى: باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، من كتاب الشهادات، وفى: باب فضائل أصحاب النبى، وفى: باب ما يحذر من زهرة الدنيا. . .، من كتاب الرقائق، وفى: باب إثم من لا يفى بالنذر، من كتاب الأيمان والنذور. صحيح البخارى ٣/ ٢٢٤، ٢١٥، ٣، ٨/ ١١٣، ١٧٦.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى القرن الثالث، من أبواب الفتن، وفى: باب منه، من أبواب الشهادات. عارضة الأحوذى ٩/ ٦٦، ١٧٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٤٢٦، ٤٢٧، ٤٣٦، ٤٤٠. والبيهقى، فى: باب الوفاء بالنذر، من كتاب النذور. السنن الكبرى ٨/ ٧٤.
(٤) فى ب زيادة: "النذر".
(٥) تقدم تخريجه، فى: ١٣/ ٤٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>