للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَتَّبها الحجَّاجُ (٤٩) يَسْتَحْلِفُ بها عندَ البَيْعَةِ والأمْرِ المُهِمِّ للسُّلْطانِ. وكانت البَيْعَةُ على عَهْدِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وخُلفائِه الرَّاشديِن بالمُصافَحَةِ، فلما وَلِىَ الحجَّاج رَتبَّهَا أيمانًا تَشْتَمِلُ على اليَمينِ باللَّه والطَّلاقِ، والْعَتاقِ، وصَدقَةِ المالِ. فمَنْ لم يَعْرِفْها، لم تَنْعَقِدْ يَمِينُه بشىء ممَّا فيها؛ لأنَّ هذا ليس بصَرِيح فى القَسَمِ، والكِنايةُ لا تَصِحُّ إِلَّا بالنِّيَّة، ومن لم يَعْرِفْ شيئًا لم يَصِحَّ أَنْ يَنْوِيَه. وإن عَرَفَها، ولم يَنْوِ عَقْدَ اليَمِينِ بما فيها [لم يصِحَّ] (٥٠) أيضًا؛ لما ذَكَرْناه. ومن عَرَفَها، وَنوَى اليَمِينَ بما فيها، صَحَّ فى الطَّلاقِ والعَتاقِ؛ لأنَّ اليَمِينَ بها تنْعَقِدُ بالكِنايَةِ، وما عَدَا ذلك من اليَمِينِ باللَّه تعالى، وما عدَا الطَّلاقَ والْعَتاقَ، فقال القاضِى ههُنا: تَنْعَقِدُ يَمِينُه أيضًا؛ لأنَّها يَمِين، فتَنْعَقِدُ بالكِنايَةِ المَنْوية، كيَمِينِ الطَّلاقِ العَتاقِ. وقال فى مَوْضِع آخَرَ: لا تَنْعَقِدُ اليَمِينُ باللَّه بالكِنايَة. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّ الكفَّارَةَ وَجَبَتْ فيها لما ذُكِرَ فيها من اسْمِ اللَّه المُعَظَّمِ (٥١) المُحْتَرمِ، ولا يُوجَدُ ذلك فى الكِنايَة. واللَّهُ تعالى أعلمُ.


(٤٩) أى ابن يوسف الثقفى، عامل الأمويين على العراق وخراسان، عرف بشدته وعسفه، توفى سنة خمس وتسعين. وفيات الأعيان ٢/ ٢٩ - ٥٤.
(٥٠) سقط من: ب.
(٥١) فى م: "العظيم".

<<  <  ج: ص:  >  >>