للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الولاءُ من جِهَةِ مُباشَرَتِه بالعِتْقِ، لم يَثْبُتْ عليه بإعْتاقِ أبِيه، وإذا لم يكُنْ لمَوْلاه إلَّا بِنْتٌ لم تَرِثْ؛ لأنَّها ليست عَصَبةً، وإنَّما يَرِثُ عَصَباتُ المَوْلَى، فإذا لم يكُنْ له عَصَبةٌ، لم يَرْجِعْ إلى مُعْتِقِ أبِيه. وكذلك إن كان له مُعْتِقُ أبٍ أو مُعْتِقُ (٢١) جَدٍّ، ولم يكُنْ هو مُعْتِقًا، فميراثُه لمُعتِقِ أبِيه إن كان ابنَ مُعْتِقِه، ثم لعَصَبة مُعْتِقِ أبيه، ثم لمُعْتِقِ معْتِقِ أبيه. فإن لم يكنْ له أحدٌ منهم، فلِبَيْتِ المالِ، ولا يرجعُ إلى مُعْتِقِ جَدِّه، وإن كانت أمُّهُ حُرَّةَ الأصْلِ، فلا وَلاءَ عليه، وليس لمُعْتِقِ أبِيه شىءٌ.

فصل: امرأةٌ حُرَّةٌ لا وَلاءَ عليها، وأبَواها رَقِيقانِ، أعْتَقَ إنسانٌ أباها، ويُتَصَوّرُ هذا فى موضعينِ؛ أحدهما، أن يكونَ جَمِيعُهم كُفَّارًا، فتُسْلِمَ هى ويُسْبَى أبواها، فيُسْتَرَقانِ. والثانى، أن يكونَ أبُوها عبدًا تزَوَّجَ أمةً على أنَّها حُرَّةٌ، فوَلَدَتْها، ثم ماتت وخَلَّفَت مُعْتِقَ أبِيها، لم يَرِثْها؛ لأنَّه إنَّما يَرِثُ بالوَلاءِ، وهذه لا وَلاءَ عليها. وهكذا الحُكْمُ فيما إذا تزوَّجَ عبدٌ حُرّةَ الأصْلِ، فأوْلدَها ولدًا، ثم أُعْتِقَ العبدُ، ومات، ثم مات الولدُ، فلا مِيراثَ لمُعْتِقِ أبِيه؛ لأنَّه لا وَلاءَ عليه. ولو كان ابْنتانِ على هذه الصِّفَةِ، اشْتَرتْ إحداهُما أباها، فعَتَقَ عليها، فلها ولاؤُه، وليس لها ولاءٌ على أُخْتِها، فإذا مات أبُوهُما، فلهما الثُّلُثانِ بالنَّسَب، ولها الباقى بالولاءِ، فإذا ماتت أختُها، فلها نِصْفُ مِيراثِها (٢٢) بالنَّسَبِ، وباقِيه لعَصَبَتِها، فإن لم يكُنْ لها عَصَبةٌ، فالباقى لأُخْتِها بالرَّدِّ، ولا مِيراثَ لها منها بالوَلاءِ؛ لأنَّها لا وَلاءَ عليها.

فصل: ولا يَرِثُ من أقاربِ المُعْتِقِ ذو فَرْضٍ مُنْفَرِدٍ، كالأخِ من الأُمِّ والزَّوْجِ؛ لأنَّ الوَلاءَ للعَصَباتِ، وليس هؤلاءِ عَصَباتٍ، فحُكْمُهم حكمُ النِّساءِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ أنَّه قال: لا يَرثُ النِّساءُ من الوَلاء إلَّا ما أَعْتَقْنَ، أو أَعْتَقَ مَنْ أعْتَقْنَ، إلَّا أَنَّ المُلاعِنَةَ تَرِثُ مَنْ أعْتَقَ ابنُها. وهذا يُخَرَّجُ على الرِّوايةِ التى تقولُ: إنَّ المُلاعِنَةَ عَصَبَةُ ابنِها، وهى أحقُّ


(٢١) فى أ: "ومعتق".
(٢٢) فى م: "ميراثه".

<<  <  ج: ص:  >  >>