للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو عَتَقَ بالأداءِ. وهل يَجِبُ أقَلُّ الأمْرَيْنِ، أو أرْشُ الجِنايةِ كلُّه؟ على وَجْهَيْن. ويَسْتَحِقُّ السَّيِّدُ مُطالَبَتَه بأرْشِ الجنايةِ قبلَ أداءِ مالِ الكتابةِ؛ لما ذكَرْنا مِن قبلُ فى حَقِّ الأجْنَبِىِّ. وإن اخْتارَ تَأْخِيرَ الأرْشِ، والبدايةَ بِقَبْضِ مالِ الكتابةِ، جاز. ويَعْتِقُ إذا قَبَضَ مالَ الكتابةِ كلَّه. وقال أبو بكرٍ: لا يَعْتِقُ بالأداءِ قبلَ أرْشِ الجِناية؛ لوُجُوبِ تَقْدِيمِه على مالِ الكِتابةِ. ولَنا، أَنَّ الحَقَّيْنِ جميعًا للسَّيِّدِ، فإذا تَراضَيَا على تَقْديمِ أحَدِهما على الآخَرِ، جاز؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، لا يَخْرُجُ عنهما، ولأنَّه لو بَدَأَ بأداءِ الكِتابةِ قبلَ أرْشِ الجِنايةِ فى حَقِّ الأجْنَبِىِّ عَتَقَ، ففى حَقِّ السَّيِّدِ أوْلَى، ولأنَّ أرْشَ الجِنايةِ لا يَلْزَمُ أداؤُه قبلَ انْدِمالِ الجُرْحِ، فيُمْكِنُ تقَدُّمُ وُجُوبِ الأداءِ عليه. فإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إذا أدَّى، عَتَقَ، ويَلْزَمُه أرْشُ الجِنايةِ، سَواءٌ كان فى يَدِه مالٌ أو لم يَكُنْ؛ لأنَّ عِتْقَه بسَبَبٍ (٢٠) مِن جِهَتِه، فلم يَسْقُطْ ما عليه، بخِلافِ ما إذا أعْتَقَه سَيِّدُه؛ فإنَّه أتْلَفَى مَحَلَّ حَقِّه، وههُنا بخِلافِه. وهل يَلْزَمُه أقَلُّ الأَمْرَيْنِ، أو جَمِيعُ الأرْشِ؟ على وَجْهَيْن. وإِنْ كانتْ جِنايَتُه على نَفْسِ سَيِّدِه، فلِوَرَثَتِه القِصاصُ فى العَمْدِ، أو العَفْوُ (٢١) على (٢٢) مالٍ. وفى الخطأِ المالُ. وفيما يَفْدِى به نَفْسَه رِوَايتان. وحُكْمُ الوَرَثةِ مع المُكاتَبِ، حكمُ سَيِّدِه معه؛ لأنَّ الكتابةَ انْتقَلتْ إليهم، والعبدُ لو عاد قِنًّا، لَكانَ لهم. وإن جَنَى على مَوْرُوثِ سَيِّدِه (٢٣)، [فوَرثَه سَيِّدُه] (٢٤)، فالحكمُ فيه كما لو كانت الجِنايةُ على سَيِّدِه فيما دُونَ النَّفْسِ، على ما مَضَى.

فصل: وإذا (٢٥) اجْتَمَعَ على المُكاتَبِ أرْشُ جِنايةٍ، وثَمَنُ مَبِيعٍ، أو عِوَضُ فَرْضٍ (٢٦)، أو غيرُهما من الدُّيُونِ مع مالِ الكِتابةِ، وفى يَدِه ما (٢٧) يَفِى بها، فله أن


(٢٠) فى الأصل: "لسبب".
(٢١) فى الأصل: "والعفو".
(٢٢) فى الأصل: "عن".
(٢٣) فى أ: "نفسه".
(٢٤) سقط من: الأصل.
(٢٥) فى م: "وإن".
(٢٦) فى أ: "مرض". وفى ب، م: "قرض".
(٢٧) فى م: "مال".

<<  <  ج: ص:  >  >>