للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨٤ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِه غَيْمٌ، أو قَتَرٌ وَجَبَ صِيَامُه، وقَدْ أَجْزَأَ إذَا كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ)

اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ رَحِمَه اللهُ في هذه المَسْألَةِ، فرُوِىَ عنه مِثْلُ ما نَقَلَ الخِرَقِىُّ، اخْتارَها أكْثَرُ شُيُوخِ أصْحَابِنَا، وهو مذهبُ عمرَ، وابْنِهِ، وعَمْرِو بن العَاصِ، وأبى هُرَيْرَةَ، وأنَسٍ، ومُعاوِيَةَ، وعائشةَ، وأسْمَاءَ ابنَتَىْ أبى بكرٍ. وبه قال بَكْرُ بنُ عبدِ اللهِ، وأبو عثمانَ النَّهْدِىُّ (١)، وابنُ أبي مَرْيَمَ (٢)، ومُطَرِّفٌ، ومَيْمُونُ بن مِهْرَانَ، وطاوُسٌ، ومُجاهِدٌ. وَرُوِىَ عنه أنَّ النَّاسَ تَبَعٌ لِلْإِمامِ، فإن صامَ صامُوا، وإن أفْطَرَ أفْطَرُوا. وهذا قولُ الحسنِ، وابنِ سِيرِينَ، لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، والفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، والأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ" (٣). قيل مَعْنَاهُ أنَّ الصَّوْمَ والفِطْرَ مع الجَماعَةِ وعُظْمِ (٤) النَّاسِ. قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وعن أحْمَدَ، رِوَايَةٌ ثالِثَةٌ: لا يَجِبُ صَوْمُهُ، ولا يُجْزِئُه عن رمضانَ إنْ صَامَهُ. وهو قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، ومَن تَبِعَهم؛ لما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "صُومُوا لِرُؤْيَتِه، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِه، فَإنْ غُبِّىَ (٥) عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ" رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٦). وعن ابنِ عمرَ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "صُومُوا لِرُؤْيَتَه، وأفْطِرُوا


(١) أبو عثمان عبد الرحمن بن مَلِّ بن عمرو النَّهْدِىّ، أدرك الجاهلية، وأسلم على عهد رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولم يلقه، وكان ثقة، توفى سنة خمس وتسعين، وهو ابن ثلاثين ومائة سنة تهذيب التهذيب ٦/ ٢٧٧، ٢٧٨.
(٢) بُرَيْد بن أبى مريم مالك بن ربيعة السلولى البصرى، تابعى ثقة، توفى سنة أربع وأربعين ومائة. تهذيب التهذيب ١/ ٤٣٢.
(٣) تقدم في ٣/ ٢٨٦. ويضاف إلى تخريجه: كما أخرجه الدارقطنى، في: كتاب الصيام. سنن الدارقطنى ٢/ ١٦٤.
(٤) في م: "ومعظم". وعظم الشىء: أكثره.
(٥) في الأصل: "غم" وفي م: "غمى". والمثبت في صحيح البخاري، والنقل عنه.
(٦) في: باب قول النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا رأيتم الهلال فصوموا. . .، من كتاب الصوم. صحيح البخاري ٣/ ٣٥. كما أخرجه مسلم، في: باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، من كتاب الصيام. صحيح مسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>