للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧١٥ - مسألة؛ قال: (وَإذَا تَبَايَعَا ذلِك بِغَيْرِ عَيْنِهِ، فَوَجَدَ أحَدُهُمَا فِيمَا اشْتَراهُ عَيْبًا، فَلَهُ الْبَدَلُ، إذَا كَانَ الْعَيْبُ لَيْسَ بِدَخِيلٍ عَلَيْهِ مِنْ غير جِنْسِهِ، كَالْوُضُوحِ فِى الذَّهَبِ والسَّوادِ فِى الفِضَّةِ)

يعنى اصْطَرَفا فى الذِّمَّةِ، نحوُ أن يقولَ: بِعْتُكَ دينارًا مِصْرِيًّا بعشرةِ دراهمَ. فيقولُ الآخَرُ: قَبِلْتُ. فيَصِحُّ البَيْعُ (١)، سواءٌ كانت الدَّراهِمُ والدَّنانيرُ عندهما، أو لم يَكُونا، إذا تَقابَضا قبل الافْتِراقِ، بأن يَسْتَقْرِضا أو غيرَ ذلك. وبهذا قال أبو حنيفةَ والشَّافِعِىُّ. وحُكِىَ عن مالِكٍ، لا يجوزُ الصَّرْفُ، إلَّا أن تكونَ العَيْنانِ حاضِرَتَيْنِ. وعنه، لا يجوزُ حتى تَظْهَرَ إحْدَى العَيْنَيْنِ، وتُعَيَّنَ. وعن زُفَرَ مثلُه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَا تَبِيعُوا غَائِبًا مِنْهَا بِناجِزٍ" (٢). ولأنَّه إذا لم يُعَيَّنْ أحَدُ العِوَضَيْنِ، كان بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وهو غيرُ جائِزٍ. ولنا، أنَّهما تَقابَضا فى المَجْلِسِ، فَصَحَّ، كما لو كانا حاضِرَيْنِ. والحَدِيثُ يُرادُ به أن لا يُباعَ عاجِلٌ بآجِلٍ، أو مَقْبُوضٌ بغير مَقْبُوضٍ؛ بِدَلِيلِ ما لو عَيَّنَ أحَدَهما، فإنَّه يَصِحُّ، وإن كان الآخَرُ غائِبًا، والقَبْضُ فى المَجْلِسِ يَجْرِى مَجْرَى القَبْضِ حالَةَ العَقْدِ، ألا تَرَى إلى قولِه: "عَيْنًا بِعَيْنٍ" (٣). "يَدًا بِيَدٍ" (٣). والقَبْضُ يَجْرِى فى المَجْلِسِ، كذا التَّعَيُّنُ. فإذا ثَبتَ هذا، فلا بُدَّ من تَعْيِينِهِما بالتَّقَابُضِ فى المَجْلِسِ، ومتى تَقابَضا، فوَجَدَ أحَدُهما بما قَبَضَه عَيْبًا قبلَ التَّفَرُّقِ، فلَهُ المُطالَبةُ بالبَدَلِ، سواءٌ كان العَيْبُ من جِنْسِه، أو مِن غيرِ جِنْسِه؛ لأنَّ العَقْدَ وَقَعَ على مُطْلَقٍ، لا عَيْبَ فيه، فله المُطالَبَةُ بما وَقَعَ عليه العَقْدُ، كالمُسْلَمِ فيه. وإن رَضِيَهُ بِعَيْبِه، والعَيْبُ من جِنْسِه، جازَ، كما لو رَضِىَ بالمُسْلَمِ فيه مَعِيبًا، وإنِ اخْتارَ أخْذَ الأرْشِ (٤)، فإن كان العِوَضانِ من جِنْسٍ واحدٍ، لم يَجُزْ، لإِفْضائِه


(١) سقط من: الأصل.
(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٣.
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٤.
(٤) فى الأصل: "أرشه".

<<  <  ج: ص:  >  >>