للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُحْتاجُ إليه فى الإِحْلالَ للزَّوْجِ (٥) الأوَّلِ، فلا يُغَيِّرُ حُكْمَ الطَّلاقِ، كوَطْءِ السَّيِّدِ، ولأنَّه تَزْويجٌ قَبْلَ اسْتيفاءِ الثَّلاثِ، فأشْبَهَ (٦) ما لو رَجَعَتْ إليه قَبْلَ وَطْءِ الثَّانى. وقولُهم: إنَّ وَطْءَ الثانى يُثْبِتُ الحِلَّ. لا يَصِحُّ؛ لوجهيْنِ؛ أحدُهما، مَنْعُ كونِه مُثْبِتًا للحِلِّ أصلًا، وإنَّما هو فى الطَّلاقِ الثَّلاثِ غايةُ التَّحْريم (٧)، بدليل قوله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٨). وحَتَّى للغَايةِ، وإنَما سَمَّى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الزَّوجَ الذى قَصَدَ الحِيلَةَ مُحَلِّلًا تَجَوُّزًا، بدليلِ أنَّه لَعَنَه، ومن أثْبَتَ حَلالًا (٩) يَسْتَحِقُ لَعْنًا! والثانى (١٠)، أنَّ الحِلَّ إنَّما يَثْبُتُ فى مَحَلٍّ فيه تَحْريمٌ، وهى المُطَلَّقَةُ ثلاثًا، وههُنا هى حَلالٌ له، فلا يَثْبُتُ فيها حِلٍّ. وقولُهم: إنَّه يَهْدِمُ الطَّلاق. قُلْنا: بل هو غايةٌ لتَحْريمِه، وما دونَ الثَّلاثِ لا تَحْريمَ فيها، فلا يَكُونُ غايةً له.

١٢٨٧ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَانَ الْمُطَلِّقُ عَبْدًا، وَكَانَ طَلَاقُه اثْنَتَيْنِ، لَمْ تَحِل لَهُ زوْجُتُهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، حُرَّةً كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَوْ مَمْلُوْكَةً (١)؛ لأنَّ الطَّلَاقَ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ)

وجملةُ ذلك أنَّ الطَّلاقَ مُعْتَبَرٌ بالرِّجالِ، فإنْ كان الزَّوجُ حُرًّا؛ فطلاقُه ثلاثٌ، حُرَّةً كانتِ الزَّوجةُ أو أَمَةً، وإِنْ كان عبدًا؛ فطلاقُه اثنتانِ حُرَّة كانت زوجتُه أو أمَةً. فإذا طلَّقَ اثنَتَيْنِ، حَرُمَتْ عليه، حتى تَنْكِحَ زوجًا غيرَه. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعثمانَ، وزيدِ، وابنِ عبّاسٍ. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، ومالكٌ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذرِ. وقال ابنُ عمر: أيُّهما رَقَّ نَقَصَ الطَّلاقُ بِرِقِّه، فطَلاقُ العبدِ اثْنَتانِ، وإن كان


(٥) فى ب: "إلى الزوج".
(٦) فى الأصل: "فأشبهت".
(٧) فى أ، م: "للتحريم".
(٨) سورة البقرة ٢٣٠.
(٩) فى ب، م: "حلال".
(١٠) سقطت الواو من: م.
(١) فى أ: "أمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>