للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالقٌ، بل طالقٌ، وطالقٌ (٥). ذكَره أبو الخطَّابِ. ولو قال: أنتِ طالقٌ طلقةً قبلَ طلقةٍ. أو: بعدَ طلقةٍ. أو: بعدَها طلقةٌ. أو: طلقةً فطلقةً. أو: طلقةً ثم طلقةً. وقعَ بغيرِ المدْخُولِ بها طلقةٌ، وبالمدْخُولِ بها طَلْقتانِ؛ لما ذكَرْنا مِن أنَّ هذا يَقْتضِى طلقةً بعدَ طلقةٍ.

فصل: وإن قال: أنتِ طالقٌ طلقةً قبلَها طلقةٌ. فكذلك، ذكَرَه القاضى. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشَّافعىِّ. وقال بعضُهم: لا يَقعُ بغيرِ المدْخولِ بها شىءٌ، بِناءً على قولِهم فى مسألة (٦) السُّرَيْجِيَّةِ. وقال أبو بكر: يَقعُ طلقتانِ. وهو (٧) قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه اسْتحالَ وقوعُ الطّلقةِ الأُخْرَى قبلَ الطَّلْقةِ (٨) المُوقَعَةِ، فوقعَتْ معها؛ لأنَّها لمَّا تأخَّرتْ عن الزَّمنِ الذى قَصدَ إيقاعَها فيه لكونِه زمنا ماضيًا، وَجَبَ إيقاعُها فى أقْربِ الأزْمِنَةِ إليه، وهو معها، ولا يَلْزمُ تأخُّرُها إلى ما بعدَها؛ لأنَّ قبلَه زمنٌ يُمْكِنُ الوُقوعُ فيه، وهو زمن قريبٌ، فلا يُؤخَّرُ إلى البعيد مع إمْكانِ القريبِ. ولَنا، أَنَّ هذا طلاقٌ بعضُه قبلَ بعضٍ، فلم يَقَعْ بغيرِ المدْخُولِ بها جميعُه، كما لو قال: طلقةً بعدَ طلقةٍ. ولا يَمْتنِعُ أن يقعَ المتأخِّرُ فى لفظِه مُتقدِّمًا، ؛ كما لو قال: طلقةً بعدَ طلقةٍ. أو قال: أنتِ طالقٌ طلقةً غدًا، وطلقةً اليومَ. ولو قال: جاء زيدٌ بعد عمرٍو. أو: جاء زيدٌ وقبلَه عمرٌو. أو: أعْطِ زيدًا بعدَ عمرٍو. كان كلامًا صحيحًا، يُفيدُ تأخيرَ المتقدَّمِ لفظًا، عن المذكورِ بعدَه، وليس هذا طَلاقًا فى زمن ماضٍ، وإنَّما يقعُ إيقاعُه فى المُسْتقْبَلِ مرتَّبًا على الوَجْهِ الذى رتَّبَه، ولو قُدِّرَ أَنَّ إحْداهما مُوقَعَةً فى زَمن ماضٍ، لَامْتنعَ وُقوعُها وحدَها، ووقَعتِ الأُخْرَى وحدَها (٩)، وهذا تعليلُ القاضِى؛ لكَوْنِه لا يَقعُ إِلَّا واحدةٌ، والأوَّلُ من التَّعليلِ أصحُّ، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.


(٥) فى أ: "فطالق".
(٦) فى م: "المسألة". وتقدم قولهم فى صفحة ٤٢٢. وسُمِّيت السريجية، نسبة لأبى العباس ابن سريج، وانظر تفصيلها فى: إعلام الموقعين ٣/ ٣١٧ - ٣١٩.
(٧) فى الأصل: "وهذا".
(٨) سقط من: الأصل.
(٩) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>