للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَرْضَ بِصِفَةِ المالِ، فيأخُذُ من الكِرامِ كَرَائِمَ، ومن غيرِها من وَسَطِها، فلا يكونُ خَبِيثًا، لأنَّ الأدْنَى ليس بِخَبِيثٍ، وكذلك لو لم يُوجَدْ إلَّا سَبَبُ وُجُوبِه وَجَبَ إخْرَاجُه، وقِياسُهم يَبْطُلُ بِشَاةِ الجُبْرَانِ، وقِياسُنا أَوْلَى منه؛ لأنَّ قِياسَ الزكاةِ على الزكاةِ أوْلَى مِن قِياسِها على الدِّيَاتِ. إذا ثَبَتَ هذا فكانَ أحَدُ الفَرْضَيْنِ فى مَالِه دُونَ الآخَرِ، فهو مُخَيَّرٌ بين إخْرَاجِه أو شِرَاء الآخَرِ، ولا يَتَعَيَّنُ عليه (٢١) إخْرَاجُ المَوْجُودِ؛ لأنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ فى (٢٢) عَيْنِ المالِ. وقال القاضى: يَتَعَيَّنُ عليه إخْرَاج المَوْجُودِ (٢٣). ولعلَّه أرادَ إذا لم يَقْدِرْ على شِرَاءِ الآخَرِ.

فصل: فإن أرادَ إخْرَاجَ الفَرْضِ من النَّوْعَيْنِ، نَظَرْنَا؛ فإن لم يَحْتَجْ إلى تَشْقِيصٍ، كرَجُلٍ عنده أَرْبَعُمائةٍ يُخْرِجُ عنها (٢٤) أَرْبَعَ حِقاقٍ وخَمْسَ بَناتِ لَبُونٍ، جازَ، وإن احْتَاجَ إلى تَشْقِيصٍ، كزَكاةِ المائَتَيْنِ، لَم يَجُزْ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه ذلك إلَّا بالتَّشْقِيصِ. وقيل: يَحْتَمِلُ أن يجوزَ، على قِيَاسِ قولِ أَصْحَابِنَا: ويجوزُ أن يُعْتِقَ نِصْفَىْ عَبْدَيْنِ فى الكَفَّارَةِ. وهذا غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ بالتَّشْقِيصِ فى زكاةِ السَّائِمةِ إلَّا من حَاجَةٍ، ولذلك جَعَلَ لها أَوْقاصًا، دَفْعًا لِلتَّشْقِيصِ عن الوَاجِبِ فيها، وعَدَلَ فى ما (٢٥) دُونَ خَمْسٍ وعِشْرِينَ من الإِبِلِ عن إيجَابِ الإِبِلِ إلى إيجَابِ الغَنَمِ، فلا يجوزُ القَوْلُ بِتَجْوِيزِه مع إمْكَانِ العُدُولِ عنه إلى إيجَابِ فَرِيضَةٍ كامِلَةٍ. وإن وَجَدَ أحَدَ الفَرْضَيْنِ كامِلًا والآخَرَ نَاقِصًا، لا يُمْكِنُه إخْرَاجُه إلَّا بِجُبْرَانٍ معه، مثل أن يَجِدَ فى المائتين خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ وثَلاثَ حِقَاقٍ، تَعَيَّنَ أَخْذُ الفَرِيضَةِ الكَامِلَةِ؛ لأنَّ الجُبْرَانَ بَدَلٌ يُشْتَرَطُ له عَدَمُ المُبْدَلِ. وإن كانتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَحْتاجُ


(٢١) فى ا، م زيادة: "سوى".
(٢٢) فى ا، ب: "من".
(٢٣) فى م زيادة: "لأن الزكاة لا تجب فى عين المال".
(٢٤) فى م: "منها".
(٢٥) فى م: "فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>