للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةً، وَجَبَ جَزَاؤُهما، فإذا تَفَرَّقَا أَوْلَى أن يَجِبَ؛ لأنَّ حَالَةَ التَّفْرِيقِ لا تَنْقصُ عن حَالَةِ الاجْتِماعِ كسَائِرِ المَحْظُورَاتِ.

فصل: إذا حَلَقَ المُحْرِمُ رَأسَ حَلالٍ، أو قَلَّمَ أظْفارَه، فلا فِدْيَةَ عليه. وبذلك قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، وعَمْرُو بن دِينارٍ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وقال سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، فى مُحْرِمٍ قَصَّ شارِبَ حَلالٍ: يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ؛ لأنَّه أَتْلَفَ شَعْرَ آدَمِىٍّ، فأشْبَه شَعْرَ المُحْرِمِ. ولَنا، أنَّه شَعْرٌ مُبَاحُ الإِتْلافِ، فلم يَجِبْ بإتْلافِه شىءٌ، كشَعْرِ بَهِيمَةِ الأنْعامِ.

فصل: وإن حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بإِذْنِه، فالفِدْيَةُ على مَن حُلِقَ رَأْسُهُ. وكذلك إن حَلَقَهُ حَلالٌ بإِذْنِه؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَلَا تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ} (٢٣). وقد عَلِمَ أنَّ غَيْرَهُ هو الذى يَحْلِقُه، فأضافَ الفِعْلَ إلَيْه، وجَعَلَ الفِدْيَةَ عليه. وإن حَلَقَهُ مُكْرَهًا أو نائِمًا، فلا فِدْيَةَ على المَحْلُوقِ رَأْسُهُ. وبهذا قال إسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ القاسِمِ صاحِبُ مَالِكٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: على المَحْلُوقِ رَأْسُهُ الفِدْيَةُ. وعن الشَّافِعِىِّ كالمَذْهَبَيْنِ. ولَنا، أنَّه لم (٢٤) يَحْلِقْ رَأْسَه ولم يُحْلَقْ بإذْنِه، فأشْبَه ما لو انْقَطَعَ الشَّعْرُ بِنَفْسِهِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ الفِدْيَةَ على الحالِقِ، حَرامًا كان أو حَلالًا. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: على الحَلالِ صَدَقَةٌ. وقال عَطاءٌ: عليهما الفِدْيَةُ. ولَنا، أنَّه أزَالَ ما مُنِعَ من إزَالَتِهِ لأجْلِ الإِحْرامِ، فكانت عليه فِدْيَتُه، كالمُحْرِمِ يَحْلِقُ رَأْسَ نَفْسِهِ.

فصل: إذا قَلَعَ جِلْدَةً عليها شَعْرٌ، فلا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّه زَالَ تَابِعًا لِغَيْرِه، والتَّابعُ لا يُضْمَنُ، كما لو قَلَعَ أشْفارَ عَيْنَىْ إنْسانٍ، فإنَّه لا يَضْمَنُ أهْدابَهما.


(٢٣) سورة البقرة ١٩٦.
(٢٤) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>