للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: فلو أَبَانَ زوجَتَه، ثم قَذَفَها بِزِنًى أضَافَه إلى حالِ الزَّوْجيَّةِ، فهى كالمسألةِ قَبْلَها؛ إن كان بينهما ولدٌ يُرِيدُ نَفْيَه، فله أَنَّ يَنْفِيَه باللِّعانِ، وإلَّا حُدَّ ولم يُلَاعِنْ. وبهذا قال مالكٌ، والشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يُحَدُّ، ويَلْحَقُه الولدُ، ولا يُلَاعِنُ. وهو قولُ عطاءٍ. ووَجْهُ المذهبَيْنِ ما تقدَّم فى التى قبلَها. وقال عثمانُ البَتِّىُّ: له أَنَّ يُلَاعِنَ، وإن لم يكُنْ بينهما ولدٌ. ورُوِىَ عن ابن عباسٍ، والحسنِ، أنَّه يُلَاعِنُها؛ لأنَّه قَذْفٌ مُضافٌ إلى حالَ الزَّوْجِيَّةِ، أشْبَهَ ما لو كانتْ زَوْجَتَه. ولَنا، أنَّه إذا كان بينهما ولدٌ فبه حاجةٌ إلى القَذْفِ، فشُرِعَ، كما لو قَذَفَها وهى زَوْجَته، وإذا لم يكنْ له ولدٌ، فلا حاجةَ به إليه، وقد قَذَفَها وهى أجْنَبيَّةٌ (٤٨)، فأشْبَهَ ما لو لم يُضِفْه إلى حالِ الزَّوجيَّةِ. ومتى لَاعَنَها لِنَفْىِ وَلَدِها انْتَفَى، وسَقَطَ عنه الحَدُّ. وفى ثُبوتِ التَّحْريمِ المُؤَبَّدِ وَجْهان. وهل له أَن يُلاعِنَها قبلَ وَضْعِ الولدِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدهما، له ذلك؛ لأنَّ مَنْ كان له لِعانُها بعد الوَضْعِ، كان له لِعانُها قبلَه، كالزَّوجةِ. والثانى، ليس له ذلك، وهو ظاهرُ قولِ الْخِرَقِىّ؛ لأنَّ الولدَ عندَه لا يَنْتَفِى فى حالِ الحَمْل، ولأنَّ اللِّعانَ إنَّما يَثْبُتُ ههُنا لأَجْلِ الولدِ، فلم يَجُزْ أَنَّ يُلاعِنَ إلَّا بعدَ تَحَقُّقِه بوَضْعِه، بخلافِ الزَّوْجةِ، فإنَّه يجوزُ لِعانُها مع عدمِ الولدِ. وهكذا الحُكْمُ فى نَفْىِ الحملِ فى النِّكاحِ الفاسدِ.

فصل: إذا اشْتَرى زَوْجَتَه الأَمَةَ، ثم أقَرَّ بوَطْئِها، ثم أَتَتْ بوَلَدٍ لسِتَّةِ أشْهُرٍ، كان لاحِقًا به، ولم يَنْتَفِ عنه إلَّا بدَعْوَى الاسْتِبْراءِ؛ لأنَّه مُلْحَقٌ به بالوَطْءِ فى المِلْكِ دونَ النِّكاحِ، لكَوْنِ الملكِ حاضِرًا، فصار كالزَّوْج الثانى، يَلْحَقُ به الولدُ وإن أمْكَنَ أَن يكونَ من الأوَّلِ. وإن لم يكُنْ أقَرَّ بوَطْئِها، أو أقَرَّ به فأتَتْ بولدٍ لدونِ سِتّةِ أشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَ، كان مُلْحَقًا بالنِّكاحِ، إن أمْكَنَ ذلك، وله نَفْيُه باللِّعانِ، وهل يُثْبِتُ هذا اللعانُ التحريمَ المُؤَبَّدَ؟ على وَجْهَيْنِ.

فصل: إذا قَذَفَ مُطَلَّقَتَه الرَّجْعِيّةَ، فله لعانُها، سَواءٌ كان بينهما ولدٌ أو لم يَكُنْ. قال أبو طالب: سأَلْتُ أبا عبدِ اللَّه، عن الرَّجُلِ يُطَلِّقُ تَطْلِيقةً أو تطْليقتَيْنِ، ثم يَقْذِفُها.


(٤٨) فى الأصل: "قذف".

<<  <  ج: ص:  >  >>