للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُثْبِتُ الخيارَ، كالإِجَارَةِ. والثانى، لا يُثْبِتُ الخِيارَ. وهو قولُ أبى بكرٍ وابنِ حامدٍ. ومذهبُ مالكٍ؛ لأنَّه عَيْبٌ حَدَثَ بالمَعْقُودِ عليه بعدَ لُزُومِ العَقْدِ، أشْبَهَ الحادِثَ بالمَبِيع (٣٣). وهذا يَنْتَقِضُ بالعَيْبِ الحادِثِ فى الإِجارةِ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: إن حَدَثَ بالزَّوْجِ، أثْبَتَ (٣٤) الخِيارَ، وإن حَدَثَ بالمرأةِ، فكذلك، فى أحدِ الوَجْهينِ، والآخَرِ، لا يُثبِتُه؛ لأنَّ الرَّجُلَ يُمْكِنُه طَلَاقُها، بخِلافِ المرأةِ. وَلنا، أنَّهما تَسَاوَيا فيما إذا كان العَيْبُ سابِقًا، فتَساوَيا فيه لاحِقًا، كالمُتَبايِعَيْنِ.

فصل: ومن شَرْطِ ثُبُوتِ الخِيارِ بهذه العيوبِ، أن لا يكونَ عالِمًا بها وَقْتَ العَقْدِ، ولا يَرْضَى بها بعدَه، فإن عَلِمَ بها فى العَقْدِ، أو بعدَه فرَضِىَ، فلا خِيارَ له. لا نعلمُ فيه خلافًا؛ لأنَّه رَضِىَ به، فأشْبَهَ مُشْتَرِىَ المَعِيبِ. وإن ظَنَّ العَيْبَ يَسِيرًا فبانَ كثيرًا، كمن ظَنَّ أن البَرَصَ فى قليلٍ من جَسَدِه، فبانَ فى كثيرٍ منه، فلا خِيارَ له أيضًا؛ لأنَّه من جِنْس ما رَضِىَ به. وإن رَضِىَ بعَيْبٍ، فبان به غيرُه، فله الخِيارُ؛ لأنَّه وَجَدَ به عيبًا لم يَرْضَ به، ولا بجِنْسِه، فثَبَتَ له الخِيارُ، كالمَبِيعِ إذا رَضِىَ بعَيْبٍ فيه، فوَجَدَ به غيرَه. وإن رَضِىَ بعيبٍ، فزادَ بعدَ العَقْدِ، كأنْ (٣٥) كان به قليلٌ من البَرَصِ، فانْبَسطَ فى جِلْدِه (٣٦)، فلا خِيارَ له؛ لأنَّ رِضَاهُ به (٣٧) رِضًى بما يَحْدُثُ منه.

فصل: وخِيارُ العَيْبِ ثابِتٌ على التَّراخِى، لا يَسْقُطُ، ما لم يُوجَدْ منه ما يَدُلُّ على الرِّضَى به، من القولِ (٣٨)، أو الاسْتِمْتاعِ (٣٩) من الزَّوْجِ، أو التَّمْكينِ من المرأةِ. هذا ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ؛ لقوله: فإن عَلِمَتْ أنَّه عِنِّينٌ، فسَكَتَتْ عن المُطالَبةِ، ثم طالَبَتْ


(٣٣) فى أ، م: "بالبيع".
(٣٤) فى م: "ثبت".
(٣٥) فى الأصل، أ، ب: "كأنه".
(٣٦) فى الأصل: "جسده".
(٣٧) سقط من: ب.
(٣٨) فى الأصل: "القبول".
(٣٩) فى أ، م: "والاستمتاع".

<<  <  ج: ص:  >  >>