للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استثناءَ النِّصْفِ، فيَقَعُ به طَلْقتانِ. فإن قيلَ: فكيف أجَزْتُم استثناءَ الاثْنَتيْنِ مِنَ الثَّلاثِ، وهى أكثرُها؟ قُلْنا: لأنَّه لم يَسْكُتْ عليهما، بل وصَلَهما بأنِ اسْتَثْنَى منهما (١٩) طَلْقةً، فصار عبارةً عن واحدةٍ. وإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا [إلَّا ثلاثًا] (٢٠) إلَّا اثنتَيْنِ. لم يَصِحَّ؛ لأنَّ استثناءَ الاثنتَيْنِ مِنَ الثَّلاثِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّهما أكثرُها، واستثناءُ الثَّلاثِ مِنَ الثَّلاثِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّها جميعُها. وإن قال: ثلاثًا إلَّا ثلاثًا (٢١) إلَّا واحدةً. لم يَصِحَّ، ووقعَ ثلاثٌ (٢٢)؛ لأنَّه إذا اسْتَثْنَى واحدةً من ثلاثٍ، بَقِىَ اثْنَتانِ، لا يَصحُّ استثْناؤُهما مِنَ الثَّلاثِ الأُولَى، فيقَعُ الثَّلاثُ. وذكرَ أبو الخَطَّابِ منها وَجْهًا آخَرَ، أنَّه يَصِحُّ؛ لأنَّ الاستثناءَ الأوَّلَ يَلْغُو؛ لكَوْنِه استثناءَ الجميعِ، فيَرْجِعُ قولُه: إلَّا واحدةً. إلى الثَّلاثِ المُثْبَتَةِ، فيقَعُ منها طَلْقتانِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ الاستثناءَ مِنَ الإِثْباتِ نَفْىٌ، ومن النَّفى إثْباتٌ، فإذا اسْتَثْنَى من الثَّلاثِ المَنْفِيَّةِ طَلْقةً، كان مُثبِتًا لها، فلا يَجوزُ جَعْلُها من الثَّلاثِ المُثْبَتَةِ؛ لأنَّه يَكونُ إثباتًا من إثْباتٍ. ولا يَصحُّ الاستثناءُ فى جميعِ ذلك إلا مُتَّصِلًا بالكلامِ، وقد ذُكِرَ فى الإِقْرارِ (٢٣). واللَّهُ أعلمُ.

١٢٧٠ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فِى شَهْرِ كَذَا، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَغِيبَ شَمْسُ الْيَوْمِ الَّذِى يَلِى الشَّهْرَ المُشْتَرَطَ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا قال: أنتِ طالقٌ. فى شهرٍ عيَّنَه، كشهرِ رمضانَ، وقعَ الطَّلاقُ فى أولِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيلةِ الأُولى منه، وذلك حين تَغْرُبُ الشَّمسُ من آخرِ يومٍ مِنَ الشَّهرِ الذى قبلَه، وهو شهرُ شعبانَ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وقال أبو ثَوْرٍ: يَقعُ الطَّلاقُ فى آخرِ رمضانَ؛ لأنَّ ذلك يَحْتمِلُ وُقوعَه فى أوَّلِه وَآخرِه، فلا يَقعُ إلا بعدَ زوالِ الاحْتمالِ. ولَنا،


(١٩) فى ب، م: "منها".
(٢٠) سقط من: أ، ب، م.
(٢١) فى ب، م زيادة: "إلا ثلاثا".
(٢٢) فى الأصل: "الثلاث".
(٢٣) فى: ٧/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>