للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمْكَنَهُ أن لا يَدْفَعَ إليهم الأُجْرَةَ، جازَ له ذلك؛ لأنَّهم لا يَسْتَحِقُّونها، وقد رُوِىَ أنَّ سُفْيَانَ سَكَنَ فى بعضِ رِباعِ مَكَّةَ، وهَرَبَ، ولم يُعْطِهم أُجْرَةً، فأَدْرَكُوه، فأخَذُوها منه. وذُكِرَ لأحمدَ فِعْلُ سُفْيَانَ، فتَبَسَّمَ، فظاهِرُ هذا، أنَّه أعْجَبَه. قال ابن عَقِيلٍ: والخِلافُ فى غيرِ (٢٧) مَواضِعِ المَناسِكِ، أمَّا بِقاعُ المَناسِكِ كمَوْضِعِ السَّعْىِ والرَّمْىِ، فحُكْمُه حُكْمُ المساجِدِ، بغيرِ خِلافٍ.

فصل: ومَن بَنَى بِناءً بِمَكَّةَ، بآلةٍ مَجْلُوبَةٍ مِنْ غيرِ أرْضِ مَكَّةَ، جازَ بَيْعُها، كما يجوزُ بَيْعُ أبْنِيَةِ الوُقُوفِ وأنْقاضِهَا. وإن كانت مِنْ تُرابِ الحَرَمِ وحِجارَتِه، انبَنَى جَوازُ بَيْعِها على الرِّوَايَتَيْنِ فى بَيْعِ رِباعِ مَكَّةَ؛ لأنَّها تابِعَةٌ لِمَكَّةَ، وهكذا تُرابُ كلِّ وَقْفٍ وأنْقاضُه. قال أحمدُ. أمَّا البِناءُ بمَكَّةَ فإنِّى أكْرَهُه. قال إسْحاقُ: البِناءُ بمَكَّةَ عَلَى وَجْهِ الاسْتِخْلاصِ لِنَفسِه، لا يَحِلُّ. وقد رُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قيل له: ألَا تَبْنِى لك بِمِنًى بَيْتًا؟ قال: "مِنًى مُنَاخُ مَنْ (٢٨) سَبَقَ" (٢٩).

فصل: قال أحمدُ: لا أعْلَمُ فى بَيْعِ المَصاحِفِ رُخْصَةً. ورَخَّصَ فى شِرائها. وقال: الشِّرَاءُ أهوَنُ. وكَرِهَ بَيْعَها ابنُ عُمَرَ، وابنُ عَبَّاسٍ، وأبو موسى، وسَعِيدُ ابن جُبَيْرٍ، وإسْحاقُ. وقال ابن عمرَ: وَدَدْتُ أنَّ الأيْدِى تُقْطَعُ فى بَيْعِها. وقال أبو الخَطَّابِ: يجوزُ بَيْعُ المُصْحَفِ، مع الكَراهَةِ. وهل يُكْرَهُ شِراؤُه وإبْدالُه؟ على رِوايَتَيْنِ. ورَخَّصَ فى بَيْعِها الحَسَنُ، والحَكَمُ، وعِكْرِمَةُ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّ البَيْعَ يَقَعُ على الجِلْدِ، والوَرَقِ، وبَيْعُ ذلك مُباحٌ. ولَنا،


(٢٧) سقط من الأصل.
(٢٨) فى م: "لمن".
(٢٩) أخرجه أبو داود، فى: باب تحريم حرم مكة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٦٦. والترمذى، فى: باب ما جاء أن منى مناخ من سبق، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ١١١. وابن ماجه، فى: باب النزول بمنى، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٠٠. والدارمى، فى: باب كراهية البنيان بمنى، من كتاب المناسك. سنن الدارمى ٢/ ٧٣. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ١٨٧، ٢٠٦، ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>